زينب الخضيري - اليوم السعودية يفضل معظم النساء التعامل مع الرجال فيما يخص المعاملات والأوراق الحكومية ويؤكدن بشدة على مرونة الرجل في هذه الأحوال وأنه يتفانى في تعبيد طريق الأوراق حتى تنجز بعقلية متفتحة, في حين أن التعامل مع المرأة في هذا الشأن يطغى عليه البطء والبيروقراطية وعدم تحمل المسؤولية إما جهلا بالأنظمة أو خوفا من اتخاذ القرار إلا انه ليس مبررا لعدم انجاز المهمة المكلفة بها, هذا الرأي الآخذ في التوسع بين جميع شرائح النساء يستحق وقفة تأمل وبعض تساؤلات فنحن لا نستطيع خلع الموروث الثقافي الذي تربينا عليه من خلال تمجيد الرجل وانه الأفضل بطريقة تعصبّية, ولكن لا بد لنا من إعادة ترتيب بسيطة بلغة الناس السهلة غير المعقدة، فهذا الحكم العشوائي نعم له نكهته بين النساء إلا انه أتى متواترا مثل أي حكاية تأتينا عن بطولات الرجل في مجتمعنا الذكوري. هو ممتع أن نخاطب المجتمع ونجسّدة بشخصية ما إلا انه من غير المعقول أن نهضم حق الطرف الآخر»المرأة» لمجرد موروثات وحكايات نتناقلها عن سرعة الرجل في الانجاز وتفانيه في إتمام العمل، في حين أننا نضع على الكفة الأخرى من الميزان المرأة كضيف شرف لا تحظى بربع ما يحظى به الرجل من نباهة وذكاء وحنكة في انجاز العمل ..! دعونا نفترض أن هذا الاعتقاد حقيقة لنبحث في أسباب كون المرأة في العمل بطيئة ومترددة في اتخاذ القرار وصعبة التعامل في مجتمع درج على أن الكلمة الأخيرة هي للرجل, ولم يكلف أحد نفسه بالتعرف على كيان المرأة وطبيعتها, تفكيرها وأحاسيسها , تصوراتها عن الحياة وعن الآخر, تكوينها النفسي وتقلباتها الداخلية والهرمونية، كل هذه الأمور هي ما يجعلها مختلفة عن الرجل الذي ولد وهو يأمر وينهى، يحب ويكره علانية ينفذ كل ما يرغب فيه, أي انه تعود على التعامل مع معطيات الحياة من خلال تجاربه الذاتية والفرص الممنوحة له من المجتمع, في حين أن المرأة منذ مولدها غُلفت بشرنقة الأنوثة التي يجب أن تكون عليها, ولدت وهي تتمتع بوصاية الأب الذي يشكل ابنته حسب رؤاه وتجاربه وخلفيته الثقافية, وبعد أن تكبر وتصبح في سن المراهقة يبدأ الضغط عليها كونها في نظرهم شخصا غير مسئول وعيبا اجتماعيا تضغط عليها الأم والأب خضوعا لتقاليد المجتمع متناغمين مع الأطر التي وضعها المجتمع للمرأة, فالخضوع يلغي وجود الفرد وحريته وهويته ببعدها التاريخي والإنساني, وبعد أن تصبح البنت في سن الشباب تنتقل إلى وصاية الزوج الذي لا يفكر إلا في كيفية إخضاع هذه المخلوقة وتدجينها للتواؤم مع أهوائه وتربيته ومفاهيمه تجاه الحياة وخوفه من أحكام المجتمع المعقدة. هذا من ناحية التنشئة ولكن السؤال هل ربيت المرأة لتصبح قائدا, هل دربت في مجال العمل على كيفية اتخاذ القرار مع أن عملية اتخاذ القرار صعبة , هل فعلا مُنحت الصلاحيات الكاملة لانجاز المهام؟ قبل أن نحكم ونعمم لابد من وضع الأصبع على الجرح, هل عندما تتضارب المصالح يكون للمرأة الصلاحية في اتخاذ القرار الصحيح حتى لو كانت ماهرة في اتخاذ القرار؟ دعونا نتريث قليلا.