جمال سلطان - نقلا عن الاسلام اليوم إن الإنسان يحار أشد الحيرة في أمر هذه الحساسية الغربية المفرطة من الحجاب، والهوس الذي يصيب بعض الدوائر الأوروبية وأذيالها في عالمنا الإسلامي من رؤية الحجاب أو مشاهدة إنسانة محجبة، وكأن عفريتاً ركبهم عند رؤية الحجاب. إنه لم يحدث أبداً منذ اختراق التغريب لعالمنا الإسلامي أن أثيرت ضجة هائلة بسبب زي الطالبات مثلما أثيرت المسألة حول الحجاب، حتى في الأوقات التي كانت الفتيات في بعض العواصم العربية ترتدي ملابس أقرب إلى العري منها إلى الستر، وأشبه بالساقطات منها إلى العفائف، وما حديث (الميكرو جيب) منا ببعيد، فلما ظهرت فتيات تريد أن تستر نفسها وتتقرب إلى الله بالحجاب هاجت الدنيا، ورفضوا بإصرار أن يسمحوا للطالبات في بعض البلاد بارتداء الحجاب، وإلى حد العناد المدهش، مثل عناد القنصلية الفرنسية في مدينة الإسكندرية بمصر قبل فترة من الزمن عندما هدّدت بإغلاق مدرسة بكاملها وطرد جميع الطلاب لو أصرت إحدى الطالبات على دخول المدرسة بالحجاب، وكأن المسألة مسألة حرب، أو حياة وموت بالنسبة لهم. والواقعة حقيقية ومشهورة ومحصلتها تتلخص في إقدام مدرسة فرنسية تابعة للقنصلية الفرنسية في المدينة بحرمان طالبة مسلمة من حضور الدروس في الفصول التعليمية، وحرمانها من حضور أية أنشطة أخرى بما في ذلك الامتحانات، وذلك لأنها قررت وضع الحجاب على رأسها، الأمر الذي عدّته المدرسة استفزازاً وخروجاً على النظام العام!! وعندما أصرت الفتاة على موقفها بالتزامها بلبس الحجاب قامت المدرسة بحبسها في إحدى غرف المدرسة المنفصلة طوال اليوم الدراسي، واستمر هذا الحبس بصفة يومية وبصرامة تامة، مما اضطر والدها إلى التهديد باللجوء إلى القضاء. المثير للدهشة أن هذه المسألة عندما أثارت الرأي العام المصري وقتها، وغضب لها كثيرون، هددت القنصلية الفرنسية في الإسكندرية بإغلاق المدرسة وطرد جميع الطلاب فيها إذا أصرّت الفتاة ووالدها على ارتداء الحجاب، أو إذا تدخلت أي جهة إدارية مصرية في المشكلة!! والمسألة على كل حال في مصر أهون منها في تركيا، حيث هناك القرار رسمي "ووطني"! بمنع الفتيات من دخول الجامعات والمدارس بالحجاب، ووصل الأمر إلى أن يكون هناك عشرات الآلاف من الفتيات "المواطنات" يقفن على أبواب الجامعات والمدارس محرومات من حقهن في التعليم، ومهدّدات بمطاردة الشرطة والجيش، لا لأنهن يحملن السلاح، وإنما لأنهن يسترن شعر رأسهن، وهذه جريمة كبرى في عرف المتنوّرين الأوروبيين، وأشياعهم في بلاد المسلمين، والحمد لله أن أحداً حتى الآن لم يفرض على الفتيات لبس القبعة كان القانون موجوداً في تركيا من قبل ثم خفّ بمرور الزمن كما يُحمد لهم أنهم لم يفرضوا على الفتيات نوع تسريحة الشعر المناسبة، خشية أن تكون التسريحة لغير المحجبات لها دلالة إسلامية. إن ما يحدث في مسألة الحجاب في العواصم الأوروبية هو ضرب من الجنون، بل ضرب من الهمجية كانت تتنزه عنه حتى أخلاق الجاهلية الأولى، ولكنه يبدو أنه لا يقلق ضمير أحرار هذا الزمان الذين يقاتلون من أجل حق الفتاة في أن تزني بمن تشاء إذا بلغت أو حتى لم تبلغ بوصف ذلك من أساسيات حقوق المرأة، ولكن أعينهم تغشى أمام حقها في أن تغطي شعر رأسها، أو تحترم دينها طواعية أو حقها في التعليم.