من مسلمات العلاقات العامة وإدارة الموارد البشرية في أي قطاع الاهتمام بتفاصيل وأداء موظفي الخطوط الأمامية باعتبارهم «واجهة» المنشأة مع العملاء، وكثير من الشركات الناجحة تعطي الأولوية لهذه القيمة لأنهم باختصار يعتبرون العميل «رأس المال» وفقدان عميل نتيجة سوء سلوك أو غلاظة في التعامل لا يعني فقد شخص واحد، وإنما الشريحة المحيطة به من الأهل والأصدقاء والزملاء عندما ينقل لهم الموقف الذي تعرض إليه. ولأننا مجتمع للأسف الشديد يعاني من حالة الفقر «الحقوقي» ومعرفة مالذي له أو عليه، وأكبر دليل في ذلك علامة على «استغبائنا" العبارة التي تملأ أعيننا في غالبية المحال «البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل»!، وعيني عينك أمام مرأى ومسمع الجهات الرسمية والحقوقية التي لا تحرك ساكنا أمام «العجرفة» الاستهلاكية، ولذا نشاهد أن الخاصية التي يتم التركيز عليها في مجتمعنا عند اختيار الموظف الأمامي «كيف تطفش العميل» ونمعن في لغة الرجاء والاستعطاف عسى أن يرأف بحالنا، وكأن الموظف هو من يدفع المال وليس نحن!. ولأن حديثي عن الخط الأمامي وأهميته في صناعة الصورة النمطية عند العملاء وجمع المراجعين، ضحت حسرة وأنا أستعد للمغادرة من مطار الملك خالد الدولي عندما شاهدت حالة «التبطح» لدى الموظفين المأمورين بإنجاز أعمالهم، وقد استغنوا عن خدمة الطابور الطويل الذي ينتظر إجازة جهاز كشف المعادن، واكتفوا بتشغيل واحد منها، فيما «تربع» أربعة من الموظفين على الجهاز الآخر وهم «يهشون» كل من يقترب منهم ويشيرون إلى الجهاز الآخر، ويزداد أمر الحسرة وأنا أشاهد لغة النهر والصوت العالي وهم يخاطبون الآخرين ويزداد وقع نهرهم إذا كان المسافر من فئة الوافدين لكسب لقمة العيش، لتكون ردة الفعل التلقائية أمام هذا السلوك أن تقول «عيب عليك»، فمن لا يقدر قيمة للنفس البشرية فهو والجماد على حد سواء، وهكذا نتفنن في زرع صورة نمطية سلبية عن سلوكنا وطريقة تواصلنا مع البشر، في الوقت الذي استنكفنا وغضبنا من حالة الانتهاك لقيمة البشر في المطارات الأمريكية فكيف لو رصدوا وشاهدوا ما يمارسه بعض الموظفين في مطاراتنا؟. في أكثر من موضع كنت ولا أزال أناشد قادة الصف الأول في الجهات الملامسة للمواطنين «المرور الجوازات المطارات الأحوال المحاكم...» أن يبادروا إلى فرض دورة على منسوبيهم في الخطوط الأمامية تؤصل كيفية التعامل مع الناس، وأن القيمة البشرية لها حقها الذي لا ينتهك سعودية كانت أم أجنبية، لئلا تكون فضيحتنا لاحقا بجلاجل.