أحمد عبدالرحمن العرفج - المدينة السعودية لا أُحب أن أُلقي باللَّائمة –كَثيرًا- عَلى المُجتمع المَغلوب عَلى أمره؛ في إفرَاز الكَثير مِن العَاهات، لأنَّه ضَحيّة الصَّدمات والانبراشات، ومَا يُستجد مِن تَحشرجات تُنتج المَزيد مِن الآهات.. وأقرب مِثال يَخطر عَلى البَال لحظة كِتَابة هَذا المَقال؛ صنفٌ تَدحرج عَلينا مِن الرِّجَال، فسَحَرَ الألبَاب، ومَارسَ الألعَاب، ونَشَرَ الخراب، وعَبَثَ بعقول الشَّباب..! وحتَّى لا يَنزلق المَقال في أتون التَّعميم، أُشير إلى أنَّني أُكبر طَلبة العِلْم والمَشايخ؛ الذين يَلتزمون محراب العِلْم الشَّرعي، مُحتسبين الأجر والثَّواب عِند الله، غَير عَابئين بالأضوَاء، التي تُحوِّل طَالب العِلْم إلى «سوبر ستار»، ولا آبهين بالرّعاع والغَوغاء الذين يُحوِّلونه إلى «قدِّيس»، لا يَأتيه البَاطل مِن بين يديهِ ولا مِن خَلفه..! لَكنَّني -هنا- سأُحاول أن أُعرِّج على شريحة من شرائح بعض أدعياء الدِّين، الذين أشغلوا النَّاس عَن لُقمة العَيش بألاعيب وحِيَل بَهلوانيّة، لا تُقدِّم أكثر مِن التَّسلية، فلا نَجد أحدهم يَجمع كُلّ يَوم عَشرة مِن مُريديه -بَعد صَلاة العَصر- ليَشرح لَهم شَيئًا مِن بَاب النِّكاح، بل تَجده يرعد ويزبد في مُحاضرة يَحضرها المِئات أو الآلاف، عَن مَخاطر الجوَّال، ويروي قصصًا مأساويّة نَقلها لَه بَعض «الثّقاة»؛ عن الأُسر التي تَفكَّكت بسبب الجوَّال، رَغم أنَّ الجهل ببَاب النِّكاح هو الذي يَجعل الأُسر مُفكَّكة، ولا دَخل لسوء استخدام التَّقنية بجَهل النَّاصِح، ولا بسَذاجة المَنصوح..! وغنيٌّ عن القول إنَّ هَذا الصّنف مِن أدعياء الدِّين؛ يَتسلَّق النجوميّة تَارة عَلى قبور أهل الفَن؛ حين ينسلّ أحدهم مِن بين الجموع؛ لزيادة تَعكير أجوَاء الحزن، زَاجرًا أهل الميّت وأصدقاءه، دون مُراعاة لمشاعر البَشر أو حتَّى الحَجَر، الذي يَئن في حضرة يَقين المَوت.. وكَان الأحرى بمثل هذا الرَّجُل أن يَتمعَّن في بَاب الطَّهارة -مَثلاً- ليجمع زمرة مِن مُريديه لشَرحه وتَفصيله لَهم، بَدلاً مِن انتظار لَحظة مَجانيّة؛ يَتسلَّق بها ظهور مَن تَرعرعوا على جُملة أنتجها الجَهل تَقول: (ضَع بَينك وبين النَّار شَيخًا)، دون التَّفكير بأنَّ مَن يُزيِّن لهَذا الدَّاعي زوره وبُهتانه قَد يَحترق تَحت عَباءته، إن لَم يُدركه الله برَحمته الوَاسعة..! لَن يَجد أي رَاصد أمين أو بَاحث دَقيق؛ أي مُشكلة في دراسة ظَاهرة كثرة أدعياء الدِّين، واتّساع الجهل الدِّيني بين أفراد المُجتمع، الذين يَتحمَّلون مَسؤوليّة مُباشرة في صناعة هذه النَّماذج المُحيِّرة التي تَقتات مِن جَهل النَّاس، وعَبث الوَسواس الخنَّاس..!.