كتب الله لي أن أكون ضمن حجاج بيت الله الحرام قبل عشرين عاماً؛ ولأن شوقي للحج كان يفوق الحد فحرصت أن أتعلّم مناسك الحج وفق منهج الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. وفي المشاعر المقدسة هالني ما رأيت من أخطاء يقع فيها الحجيج، وعدم إتاحة الفرصة لهم من قبل شركات الحج الخارجية وحملات الحج الداخلية والمطوفين، حيث لا تهتم هؤلاء بالسنن والمستحبات، والتهاون في الواجبات، حينها شعرت بعظم المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء والمشايخ في أنحاء العالم الإسلامي تجاه الحجاج، وقد منّ الله عليّ أن أعمل صحفياً في مجلة (الدعوة) وقمت بإجراء حوارات ولقاءات عديدة، فكان همّي في موسم الحج كيف نقوم بتوعية الحجاج القادمين من خارج المملكة، وكان السؤال المتكرر على كثير من المسئولين والعلماء، كيف يتم توعية هؤلاء الذين تم ترشيحهم من قِبل بلدانهم للحج. ومنذ ذاك الزمن وأنا أحلم بوسيلة فعّالة تحقق هذه الأمنية حتى يقوم الحاج بأداء مناسكه على أكمل وجه دون زيادة أو نقصان (كما حجّ النبي صلى الله عليه وسلم). وفي الأسبوع الأول من شهر شوال1430ه كنت في مقر إحدى القنوات الإسلامية، وتقابلت مع فضيلة الشيخ الدكتور طلال العقيل مستشار معالي وزير الشؤون الإسلامية لشؤون الحج، حيث كان يعقد فضيلته اتفاقات مع القنوات الإسلامية بالقاهرة لبث برنامج أعدَّته الوزارة تحت إشراف معالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ، وإعداد وتنفيذ الدكتور طلال العقيل وهذا البرنامج تم بثّه قبل حج 1430ه على عدد كبير من القنوات الفضائية، تحت عنوان (مناسك الحج خطوة.. خطوة)، ونفع الله به نفعاً عظيماً، حيث رأينا صداه وتأثيره على الحجيج من الجنسيات المختلفة في حج العام نفسه، حيث قلّت الأخطاء وجاء الحاج من بلده عالماً بأحكام المناسك، وبالتالي تلاشت بعض الأخطاء التي كانت تتكرر من الحجيج؛ ولأن الأمر كان يعنيني بالدرجة الأولى، حيث إنني طالما انتظرت هذه الخطوة المباركة فكنت أتابع وألاحظ أعمال الحجاج، والتقيت مع الكثير منهم في أعمال إعلامية، وسألتهم عن مدى فاعلية هذا البرنامج ومدى استفادتهم منه في بلدانهم قبل مجيئهم، فكانت الإجابة سارةً ومفرحةً ومؤكدةً على نجاح هذا البرنامج.. فشكراً معالي الوزير وشكراً للدكتور العقيل والشكر موصول إلى كل من أسهم في إنجاح هذا البرنامج، والشكر أيضاً لكل العلماء والدعاة الذين أناروا الدنيا بعلمهم وتوجيهاتهم، حيث إن البرنامج استضاف عدداً كبيراً من أهل العلم الثقات والدعاة الأكارم من علماء المملكة العربية السعودية، وقد تم إعادة البرنامج هذا العام برؤية جديدة، حيث أضيفت برامج مباشرة لمدة ثلاث ساعات يومياً يتم استقبال أسئلة المستفسرين من الحجيج وغيرهم عن الأحكام المتعلقة بالحج والأضحية وغير ذلك من الأمور المهمة. ويقوم ببث هذا البرنامج ما يزيد عن 30 قناة من المملكة وخارجها، والبثُّ موجه إلى جميع الدول الإسلامية في العالم باللغة العربية ولكني في هذا المقام أناشد معالي الوزير – وفقه الله إلى كل خير- أن يوجه بترجمة هذه النسخة العربية إلى عدة لغات حيّة مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والأوردو وغيرها من اللغات المنتشرة حول العالم حتى يستفيد غير الناطقين بالعربية.. كما أتمنى تطوير هذا البرنامج ودعمه بعدد من أهل العلم غير الناطقين بالعربية، ويكون ولهم ثقل دعوي في بلدانهم للمشاركة في هذه المهمة الدعوية الجليلة؛ لأن العلماء والدعاة إذا كانوا من بلد المدعوين نفسه سيكون لهم تأثيرٌ كبيرٌ ودورٌ فاعلٌ في الإقناع وسيكونون القدوة لهم في أداء المناسك. ولا أنسى في هذا المقام أن أقدم خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين على جهوده المباركة في خدمة الحرمين الشريفين والقيام على رعايتهما والعناية بهما، فقد تم في عهده الزاهر توسعة المسعى وحل مشكلة الاختناق الذي كان يودي بحياة العشرات في مواسم الطاعة، وخصوصا في رمضان والحج.. كذلك التوسعة الميمونة لساحات الحرم المكي الشريف من الجهة الشمالية ومازال العمل مستمراً على قدم وساق وما حدث من تطوير للمشاعر المقدسة في منى لخير شاهد على إنجازات الملك المفدى، حيث أتاح للحجيج أداء المناسك في يسر وطمأنينة وارتياح، فلا وفيات ولا ازدحام عند الجمرات بعد الانتهاء من مراحل تطويرها.. وأخيراً قطار المشاعر الذي سيعمل في مراحله الأولى في حج هذا العام لييسر على الحجاج عملية الوصول إلى منى دون مشقة وعنت. كما أن التوسعة في المسجد النبوي تشهد لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة حرصه الشديد على الاهتمام البالغ بالحرمين الشريفين والتيسير على ضيوف الرحمن الذين يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم. *إعلامي وصحفي مصري [email protected]