.. لا أحد يمكن أن ينكر دور ما تقوم به رئاسة شؤون الحرمين من خدمات تحترم قداسة المكان وتيسر السبل لقاصديه بأداء الشعائر في أمان وباحترام. ولقد سعدت بما نشرته جريدة «المدينة» يوم الاثنين الماضي من حديث فضيلة الدكتور سلمان بن فهد العودة حول وضع القائمين على حراسة الحجرة النبوية الشريفة والاقتراح باستبدال الزي العسكري باللباس المدني للقائمين بهذه المهمة مع الاحتفاظ بالرتبة العسكرية لهم، وأهمية أداء مهامهم بالحكمة والموعظة الحسنة، إذ يقول فضيلته وفق ما نشر في المدينة : لاحظت بعض الجفاء في التعامل من قبل من يقومون على الحجرة النبوية، وأن المجال لا يقتضي الحدة والعنف بل هو مجال خصب للرقي بالتعامل واستخدام ألفاظ رقيقة ولطيفة في الخطاب. والواقع أن هذا هو ما يلاحظه كل زائر يقف للتشرف بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضوان الله عليهما، إذ يواجهه من القائمين على الحجرة النبوية بغلظة في القول، وعنف في التخاطب في الوقت الذي يجب أن يكون التوجيه والإرشاد بالحسنى والمنطق اللين، لأن الحق سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه : (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) . كما يوجه رب العزة والجلال سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل السلام بمخاطبة فرعون بالحسنى واللين، إذ يقول عز من قائل : (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى )، وأجزم أن ليس ممن يوفقه بالوقوف أمام الحجرة الشريفة بمنزلة فرعون الذي كذب وطغى. ويوضح فضيلة الشيخ سلمان العودة: أن أكثر من (5) ملايين زائر تستقبلهم المملكة سنويا، وذلك يمثل مسؤولية كبرى على عاتق الجميع وخصوصا أبناء طيبة الطيبة على ساكنها أفضل السلام والتسليم، وأن المدينةالمنورة منطلق الرسالة ومهبط الوحي، وأن ذلك فيه رمز تاريخي كبير يمثل زخما تاريخيا وإرثا إسلاميا عظيما، وأنه يتوجب على الجميع نقل صورة مشرقة عن الإسلام عامة وأبناء المملكة، وبخاصة في ظل وجود بعض المفاهيم الخاطئة في بعض الدول عن السلفية والوهابية ومن أهل السنة أنفسهم، مشيرا إلى أن وجودهم بيننا في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة يشكل أعظم فرصة ليتعرفوا علينا عن كثب والتواصل معهم وذلك من خلال التعرف على عاداتهم ومعتقداتهم وأفكارهم، وأننا بدون هذا لا يمكن الوصول إليهم والتأثير فيهم، وأن بعض الأفكار يمكن تغييرها وبشكل سريع من خلال الجلوس مع الزوار ومحادثتهم والتقرب إليهم، وهذا يكفينا عناء الذهاب إليهم، وها هم يأتون إلينا وهي فرصة مواتية لنا جميعا لتصحيح الصورة والآراء المشوشة. والواقع أن كل ما أوضحه الدكتور العودة يمثل مغانم لأبناء هذا البلد من أجل خدمة الدين الحنيف وتقويم المفاهيم غير السليمة عن الإسلام أو عن بلادنا وأهلها.. هذا وقد طرح فضيلة الدكتور الشيخ سلمان العودة اقتراحا وجيها بالنسبة للموقع الشريف وذلك بقوله : أتمنى أن يتم استبدال الزي العسكري الرسمي بالزي الوطني مع إبقاء الطبعة العسكرية لهم. وأؤكد أن ذلك رأي الغالبية من الناس الذين يرون أن المكان المقدس في بيت الله الحرام عند الحجر الأسود أو الملتزم أو حجر إسماعيل، وكذا المواجهة الشريفة في المسجد النبوي بالمدينةالمنورة يحسن أن يكون بشكل معسكر ولعل من المناسب العودة للباس القديم للجند الذين كانوا يعملون في هذه المواقع، وهو الثوب وعليه البالطو والشماخ والعقال، فذلك له مظهر رسمي وفي الوقت نفسه بعيد عن منظر عسكري غير محبب أن يكون في تلك المواقع المقدسة. وأختم بشكر فضيلة الشيخ الدكتور سلمان العودة على الرأي الرشيد الذي أعلنه وعلى دعوته للقائمين على الحجرة النبوية بمعاملة الناس بالحسنى والكلمة الطيبة والابتعاد عن الفظاظة والتهجم الذي يبدو على محياهم على امتداد فترة وقوفهم في الموقع الشريف.. والله المستعان.