لو كان عنوان بضاعتي اليوم اقتراحًا مني، لهبّت عليّ عاصفة هوْجاء لا تخْمد، ولَقِيل لي كما في أغنية مطربنا الكبير محمّد عبده: (مَالَكْ ومَالَ الناسْ)، هل نصّبوك مُحاميًا ومُدافعًا عن حقوق السعوديات؟ أو حتى متحدّثًا رسميًا لهنّ؟ اتّق الله يا هذا، فلا تدْع في بضاعتك لممارستهنّ أيّ رياضة، خصوصًا تسلّق الجبال، ففيها تشبّه بالرجال، وفيها تبرّج حرام.. لا حلال!. وفي الحقيقة: نعم، فأنا مالي ومال الناس، لكنّ اليوم لي بالناس، إذ نشرت جريدة (المدينة) في 3/11/1431ه صورة لمعلّمات سعوديات تعطّلت سيارتهنّ خلال عودتهنّ من مدرستهنّ الواقعة في إحدى القُرى النائية عن المدينة المنوّرة، في طريقٍ وعِرٍ وغير مُعبّدٍ وغير مُغطّى هاتفيًا، فكِدْن يحترقْن مع سائقهنّ تحت الشمس، وتسلّقن جبلًا كبيرًا في رياضة إلزامية وإجبارية بحثًا عن إشارة إرسال هاتفي لطلب المساعدة، ولولا الله ثمّ قرويًا مرّ صُدفةً بسيارته بهنّ لحصلت لهنّ كارثة مُروِّعة!. والناس الذين لي بهم هم: (1) شركات الاتصالات، فقد غطّت دولاً خارجية بإرسالها الهاتفي، ولم تتنبه لبعض أراضينا الداخلية التي تحتاجه، لا للحكي ودقّ الحنك وإرسال رسائل ال (sms) بل لإنقاذ وإغاثة البشر، (2) هيئة الاتصالات الحكومية التي لا تتدخّل كأنّ الأمر يحدث في جزر الواق الواق، (3) وزارة التربية والتعليم التي لم تُكلّف نفسها لوضع آلية عامّة للتأكّد من صلاحية سيارات نقل المعلّمات قبل استخدامها، وتكتفي بتكليف من يُعزّي ذويهنّ إذا صُرِعْن في الطريق من وإلى مدارس القُرى النائية، (4) وزارة النقل التي لم تُعبِّد كلّ الطرق المؤدّية للقُرى، ولهذا أهديها قصّة الرئيس الأمريكي الراحل دوايت أيزنهاور الذي سُئل بعد الحرب العالمية الثانية عن شعوره بالنصر فأجاب: إنّ أمريكا لم تنتصر حتى تُنْجِز شبكة الطرق بين مدن الولايات المتّحدة وقُراها، حتى لو قرية يسكنها (10) أشخاص فقط، وبالفعل.. انتصرت أمريكا!. عُقْبالنا يا ربّ!.