انباؤكم - خالد عبدالله المشوح كنت قد كتبت سابقا عن حاجة التلفزيون السعودي إلى برنامج جريء يناقش قضايا التطرف والإرهاب، وبعد مشاهدتي لحلقة الجمعة الماضية يمكنني القول إن التلفزيون السعودي استطاع أن يضع يده على الجرح لأول مرة على مشكلة التطرف والإرهاب من خلال رؤية بعيدة عن الإثارة والدعاية الإعلامية عبر برنامج (همومنا) الذي بثت حلقته بعد صلاة الجمعة وكانت حلقة استثنائية أجاد فيها الشيخ عبدالعزيز الحميدي في عرض شبهة الولاء والبراء حيث كانت بدايته جريئة وقوية تنم عن خبرة طويلة وعميقه في القراءة لهذه الشبهة. تأكد لي ذلك عندما بدأ في التأصيل العلمي لمسألة الولاء والبراء، حيث قال إنها أصل من أصول الإسلام (فالولاء والبراء هو الدين لأن قاعدة الولاء والبراء الأصلية هي المحبة التي تنبني عليها طاعة الله وطاعة رسوله ونصرة الله ونصرة رسوله ودينه وكتابه والانضمام إلى جماعة المسلمين وموالاتهم ومحبتهم ونصرتهم ضد من ينائم عدوهم، فقاعدتهم الأساسية هي المحبة التي هي قاعدة الدين الأساسية والأصلية، فلا يتصور دين بلا محبة كما لا يتصور دين بلا موالاة تامة لله سبحانه وتعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام وأهل السنة يربطون موضوع الولاء والبراء بالمحبة التامة وبالنصرة وبالطاعة التامة لله بحسب الاستطاعة، ولذلك الولاء والبراء ارتبطا بمفهوم الدين وهو محبة الله ورسوله، ارتباطا وثيقا بل هو علامة المحبة الخالصة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام.) وحول أكثر الأمور إشكالا في الولاء والبراء هو عقود الصلح والمعاهدات والتي يستخدمها المتطرفون كثيرا في تعزيز موقفهم من قرارات حكوماتهم ,بين الشيخ الحميدي أن الصلح والتصالح نوعان مؤقت وغير مؤقت وكلاهما فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم في حياته. ولكون معضلة الإرهاب تستند على عدة ركائز من أهمها الولاء والبراء وتفسيراته لدى الغلاة في هذا الجانب فقد أسهبت الحلقة في ذكر تفاصيل وتفريعات دقيقة يمكن أن تعيد كثيراً ممن بالغوا في تفسيرات هذه الشعيرة القلبية، ولاسيما فيما يتعلق بالمحبة الطبيعية والعقلية التي تحدث فيها كثيرا، والتي لو أخرجناها من الولاء والبراء كما ذكر الشيخ لم يتبق إلا المحبة الدينية التي تناقض الولاء والبراء. المشكلة في التنظيمات المتطرفة أنها تجتز النصوص أو تستشهد بآراء صدرت في ظروف عسكرية معينة لدى المسلمين، لذا فإن قراءة الشبه التي يستند عليها المتطرفون من خلال علماء متمكنين يمكن أن تضيف نقلة في مواجهة الإرهاب، عبر التأصيل لمفاهيم دينية أصيلة تركها العلماء ليتنازعها الجهال عبر تفسيرات متطرفة تقود إلى القتل والدمار. ليس المطلوب هو القفز على الثوابت أو لي أعناق النصوص لكن المطلوب هو قراءات فقهية تراعي الزمان والمكان وتخرج من تأثيرات التسييس، لتقرر فقهاً إسلامياً يفسر المشكل ويقف عند المتشابه، ويرد على الشبه. حديث الشيخ الحميدي جدير أن يعاد مرة ومرتين ويطور إلى حلقات متتابعة بصيغة معينة ويمكن أن تؤسس لمرحلة فقهية جديدة. انقطاع الشيخ الدكتور عبدالعزيز الحميدي عن الناس خلال الفترة الماضية وهو المنشغل في قضايا الجهاد أتاح له البحث باستقلالية من خلال أدواته العلمية التي انعكست على حديثه.