محمد بن علي الهرفي - عكاظ السعودية كتب الزميل الدكتور خالد الفرم مقالا تحت عنوان: «هل تختلف درجات الحريات الإعلامية باختلاف المناطق» في «عكاظ» يوم 17 رجب 1431ه، وقد شدني مقال الزميل خاصة حديثه عن استعداد هيئة الصحفيين السعوديين لإصدار أول تقرير سعودي عن مستوى الحريات الإعلامية في المملكة، ويهدف هذا التقرير بحسب الدكتور خالد إلى رصد الإيجابيات والسلبيات في الإعلام السعودي، ورصد العوائق التي تعترض مسيرة الحريات الإعلامية. جيد أن تتحرك الهيئة وإن كانت متأخرة لتتحدث عن أهم شيء في أي إعلام وهو الحريات، ولكني أشفق على الهيئة وتقريرها ممن ستتحدث عنهم، وهذه الشفقة هي التي دعتني لكتابة هذا المقال. من البديهي أن تقرير الهيئة سيتوجه إلى شريحة مهمة من المثقفين السعوديين، وأيضا، هؤلاء المثقفون هم فرسان الميدان الذي سيتحدث عنه التقرير، وهم يعرفون أكثر من غيرهم مستوى الحريات الصحافية في الإعلام السعودي. كما أن هذا التقرير سيكون محل اهتمام كثير من الإعلاميين العرب وغيرهم، وهؤلاء كذلك يتابعون الحركة الإعلامية في السعودية، كما أن لهم صداقات مع إعلاميين سعوديين، وبالتالي فإن لديهم معرفة جيدة بواقع الحريات الإعلامية في بلادنا. من أجل ذلك كله، بودي أن يكون التقرير دقيقا يراعي الفئات التي سيوجه إليها، ويحترم عقولهم وثقافتهم.. لست أدري ما الذي سيكتب في ذلك التقرير، لكنني أتمنى أن يشرح بالتفصيل الأسباب التي تجعل الهيئة ترفض ضم كل الكتاب ليكونوا أعضاء كاملي الأهلية في الهيئة؟! ومن المعروف أن كتاب كل صحيفة هم عمادها، وهم صانعو مكانتها، والقراء يحكمون على الصحيفة من خلال كتابها بصورة رئيسة. أما الأخبار والتقارير المتنوعة، فهي غالبا ما تكون متشابهة في صحافتنا. ومع ذلك كله، فالهيئة لا تعترف بذلك كله وتريد أن تجعل منهم أشياء لا قيمة لها، فهل يستطيع تقرير الهيئة أن يوجد أي مبررات تقنع الآخرين بصحة موقفها؟! ثم، هل سيتحدث التقرير عن ضوابط الحريات التي ينبغي أن يلتزم بها رؤساء تحرير الصحف؟! ليس سرا أن مستوى الحرية يتفاوت ما بين صحيفة وأخرى.. فلماذا هذا التفاوت؟! أليس سببه رؤساء التحرير أنفسهم؟! وليس سرا أن بعض الكتاب يوقف عن الكتابة مؤقتا أحيانا ودائما أحيانا أخرى.. وأيضا بقرار من رؤساء التحرير، وغالبا بدون إبداء الأسباب. هل هذا التقرير سيتحدث عن هذه الجزئية؟! هل سيذكر أسبابها؟! وهل هي مبررة أم لا؟! وأتساءل: أين قيمة الكتاب إذا كانوا يعاملون بهذه الصورة؟! لقد قلت أكثر من مرة: إنني مع حرية التعبير، لكنني مع حرية التعبير المنضبطة.. أعرف أن هناك اختلافا حول هذه الضوابط، ولهذا بودي أن يناقش التقرير هذه الضوابط بدقة لكي يكون الكاتب على دراية دقيقة بما له أو عليه!! وأسأل: هل سيتحدث التقرير عن الأشياء التي يفترض أن تقدمها هيئة الصحفيين لمنسوبيها؟! تسهيلات هنا وهناك.. رواتب تقاعدية خاصة لأنهم من منسوبيها.. تأمين صحي.. أندية ترفيهية في كل المناطق.. وأشياء أخرى.. أم أن الهيئة لا علاقة لها بكل ذلك؟! مرة أخرى.. أشفق على الهيئة من تقريرها إن لم يتحدث عن كل تلك الموضوعات وكل الموضوعات التي تتعلق مباشرة بالصحافيين وبكل وضوح.. وأخيرا.. أتفق مع الدكتور خالد في أن النقد الصحافي لكل الدوائر الحكومية والأهلية يحسن من أدائها، ويقلل من الفساد الإداري والمالي، وهنا يبرز دور الكاتب في تناول هذه الموضوعات بموضوعية لكي يساهم في إصلاح مجتمعه، ومن الموضوعية أيضا أن لا ينزعج مسؤولو تلك الجهات من النقد الهادف لأن الكاتب عين المسؤول شريطة أن تكون هذه العين صحيحة الرؤية.