إبراهيم محمد باداود - الاقتصادية السعودية نشرت الصحف بالأمس خبر الزيارة المفاجئة التي قام بها سمو أمير منطقة الجوف لمكتب العمل والعمال وقد فوجئ فكتب على مكتبه عبارة (حضرنا ولم نجدكم) وكما يقال في الأمثال (الغائب عذره معه) إلاّ أن الزيارة المفاجئة التي تمت من قبل أمير المنطقة كانت درساً ونموذجاً كثيراً ما تمناه المواطنون، إذ إن الزيارة التقليدية مثلها مثل ما تقوم النساء بوضعه من أداوت تجميل قبل أي مناسبة مهمة وإذا بهذه الأدوات تقوم بعمل تغير كبير في الصورة الحقيقية للمرأة حتى إن البعض قد ينكر أن هذه السيدة التي تضع هذه المساحيق التجميلية هي السيدة الحقيقية نفسها، ويتكرر هذا الأمر في عديد من المناسبات التي تبدأ بتوفير مواقع لمواقف السيارات ونظافة المكان ووضع الورد والعطور وفرش البساط الأحمر ووضع كراسي الانتظار وتوفير الضيافة والعصيرات وتحسين الديكورات من إعادة طلاء أو وضع أسفلت جديد أو إضاءة إضافة إلى تحسين مظهر المستقبلين وتوفير النماذج التي يحتاج إليها المراجعون وغيرها من الاستعدادات التي يتم وضعها عند الزيارات الرسمية، التي عادة ما تنتهي بمجرد مغادرة سيارة الضيف موقع الزيارة. عدم وجود مدير مكتب العمل ليس القضية في رأيي فلكل مسؤول ظرفه والعبرة بسير العمل ووجود فريق العمل، والإنتاجية التي يقدمها هذا الفريق للجمهور بل إن هذا الفريق إن كان سيعمل فقط لأن رئيسه موجود فلا أعتقد بأنه فريق مؤهل، والإتقان في العمل هو أن تؤديه بشكل كامل لقناعتك به وحرصك عليه سواءً كان رئيسك موجوداً أو غير موجود. تذكرت وأنا أقرأ خبر غياب مدير مكتب العمل تقرير هيئة الرقابة والتحقيق، الذي أوضحت فيه ضرورة تعميم نظام البصمة على الأجهزة الحكومية لإثبات الحضور والغياب بعد أن رصدت العام الماضي 150 ألف حالة غياب وبعد أن أثبتت جولات الرقابة الميدانية وجود خلل في عمليات الحضور والانصراف مبكراً من أعمالهم ويوقعون الانصراف في اليوم التالي من حضورهم للعمل. ولا يقتصر موضوع الغياب على وزارة دون أخرى بل القضية عامة وشاملة ففي تقرير نشر في الصحف خلال الشهر الماضي أوضحت هيئة الرقابة والتحقيق أن 92.3 في المائة من موظفي 28 وزارة وجهة حكومية وفروعها غير منتظمين في عملهم وقد تم الوصول إلى هذه النتائج من خلال قيام الهيئة ب 13.643 جولة على تلك الجهات وضبط تخلف آلاف الموظفين والموظفات عن أعمالهم. وظاهرة التغيب عن العمل أو التأخير أو غيرها من الظواهر السلبية هي أمور أصبحت من الصفات والظواهر التي يشتهر بها القطاع الحكومي بل غدت ميزة يتهافت الباحثون عن العمل عليها فهذا القطاع محاط بفوضى الانتظام وأن الموظف يستطيع أن يغيب ويتأخر دون رقيب أو حسيب. هذه للأسف ظاهرة يجب أن يتم العمل على القضاء عليها وفق برنامج عملي وزمني مخطط فإذا كانت نسبة اللا انتظام اليومي بلغت 92 في المائة فيجب على الجهات المسؤولة أن تضع برنامجاً يحرص على تخفيضها بنسبة 20 في المائة سنوياً بحيث نصل بعد خمس سنوات إلى دوائر حكومية يعمل فيها الموظفون بجد وانتظام 100 في المائة. لعل البعض يشير إلى أن العبرة ليست بالحضور والغياب بل بالإنجاز والنتائج ولكن أعتقد أن الانتظام هو أول مؤشرات الإنجاز وهو بلا شك يسهم في تحقيق الأهداف، حتى لو وجد الموظفون ولم تكن هناك النتائج قد لا يكون اللوم عليهم بل على إدارتهم التي لم تستثمرهم بالشكل السليم وبذلك يكونون أبرأوا ذمتهم أمام الله بحضورهم وانتظامهم. قضية الحضور والغياب من أهم قضايا العمل التي يجب أن تتم معالجتها فوراً ولعل مثل هذا الزيارات المفاجئة من المسؤولين تكون إحدى أدوات الصلاح.