أكبر دليل على براءة بعض الأسماء المحلية من تهمة الليبرالية (إذا كانت الليبرالية تهمة!) هو موقفها البارد من جريمة إسرائيل الأخيرة ضد أسطول السلام، فهل يعقل أن يقبل أي ليبرالي حقيقي في هذا العالم بمثل هذا العمل الإرهابي ضد مدنيين عزل حتى لوكان هذا الليبرالي إسرائيلي الجنسية؟!. أنا لا أنكر بأن الأسماء التي يعتد بها من الليبراليين المحليين كان لها موقفها الواضح من جريمة إسرائيل، ولكن بعض المدعين بدا موقفهم ضعيفا بل وفي بعض الأحيان متناقضا مع الأفكار الليبرالية، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا ليبراليين بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، كل ما في الأمر أنهم شخصيات انتهازية تصادمت لسبب أو لآخر مع التيار الديني المحافظ ولأن (المطاوعة) سرعان ما يطلقون وصف (الليبرالي) على من يختلف معهم فإن هؤلاء المدعين وجدوا في هذه الصفة تبريرا لانتهازيتهم وترقية هبطت عليهم من السماء كي تصبح لهم مكانة فكرية هم أبعد الناس عنها فتلقفوا هذا الوصف فورا وصرخوا في منتصف الطريق: (نعم نحن ليبراليون)!. هذا ليس دفاعا عن الليبرالية، فالليبراليون الحقيقيون لا يحتاجون إلى محامين أو مرافعات صحافية، ولكنها الحقيقية حيث ابتلي التيار الليبرالي بأعداد لا بأس بها من الانتهازيين الذين يسيؤون لليبرالية، وأظن أن الخسائر التي يمكن أن تنتج عن احتضان مثل هؤلاء الانتهازيين هي أكبر مما يظن المخلصون للفكرة الليبرالية!. بالتأكيد لا يستطيع الليبراليون طرد أي انتهازي يرفع شعارات الليبرالية مثلما لا يستطيع الإسلاميون طرد أي انتهازي يدعي التدين، فالأفكار ليست حكرا على أحد، ولكن الاعتراف بهؤلاء وتبنيهم واحتضانهم وغض النظر عن انتهازيتهم المكشوفة هو أكبر خطأ يرتكبه الليبراليون اليوم، فهؤلاء لا يفرقون بين حرية التفكير والهرطقة، ولا يفهمون الحدود الفاصلة بين الحرية الشخصية والانفلات الأخلاقي، ولا يستطيعون التخلص من عنصريتهم المتوارثة، ولا يترددون في التكسب الرخيص باسم الليبرالية. لست متحمسا لتوجيه النصائح لليبراليين (خصوصا أن نصيحتهم ما فيها أجر!) ولكنهم اليوم يحتاجون فعلا إلى مراجعة واسعة للتخلص من عشرات المدعين والانتهازيين الذين يضرون بهم أكثر مما يضر بهم خصومهم!.