تسير الانتخابات العراقية ثقيلة الخطوات نحو نهايتها لتسجيل النتيجة الأخيرة وإعلان الفائز بين قائمتين متنافرتين واحدة عربية الهوى والأخرى فارسية الهوى. هذا التثاقل في الوصول إلى المرمى والإعلان النهائي يتنازعه شعوران: الحرص على الدقة والخوف من العواقب. وفي مقابل هذا الخطو المتثاقل هناك وتيرة متسارعة بين القائمتين في التهديد بانتشار العنف وعدم الاستقرار وخاصة من قائمة دولة القانون في حال فوز القائمة المناوئة. زعيم قائمة دولة القانون وهو نفسه رئيس الحكومة الحالي ومن ورائه رئيس الجمهورية يطالبان بإعادة فرز الأصوات يدويا، بل الأول يهدد باستخدام الجيش باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة. التشكيك عادة يأتي ممن هم خارج السلطة لكن العراق كما هو شأنه دائما يقلب الموازين ويخرج عن المألوف، فالذين في السلطة بيدهم ما يمكنهم من عمل مفاجآت واصطناع فوز ولعل في عجز السلطة ما يبشر بانتخابات غير عربية بالمفهوم السائد. مفوضية الانتخابات ترفض إعادة التصويت لأنها مطمئنة إلى سلامتها ونزاهتها إضافة إلى شهادات سابقة لهيئات دولية بذلك أيضا، لكن أنصار دولة القانون بدأوا منازلاتهم الأولى من مدينة النجف في تظاهرات مطالبين بإعادة الفرز. الانتخابات هي لعبة الديموقراطية التي تعد أفضل ألوان الطيف السياسي وكما أن لكل لعبة قواعدها ونظامها وحكامها وجمهورها فكذلك الانتخابات وعلى اللاعبين أن يقبلوا بالنتائج طالما كانت في إطار القواعد العامة. التهديد والوعيد واستخدام الجيش واللجوء إلى الشارع بالعنف إنما هو إلغاء لصناديق الانتخاب وإعدام للديموقراطية وإحياء للديكتاتورية التي يعض أصحابها على الكراسي سواء كانوا في سدة الحكم أو على فراش المرض أو محمولين في أنعاش إلى مدافنهم.