اخذ الصراع الانتخابي بين رئيسي الوزراء العراقيين، الحالي نوري المالكي، والسابق إياد علاوي منحى جديداً أمس، بعد مطالبة الأول مفوضية الانتخابات بإعادة فرز الأصوات وتلقيه دعماً من الرئيس جلال طالباني، في اول مؤشر من الأكراد إلى إمكان التحالف معه لتشكيل حكومة جديدة. وفي حين اعتبرت قائمة علاوي دعوة المالكي التي ضمنها تحذيراً من عودة العنف إذا لم يستجب طلبه: «انقلاباً واضحاً على الديموقراطية وتهديداً لمفوضية الانتخابات»، سارت تظاهرات في النجف وبغداد تأييداً للمالكي، رفعت خلالها شعارات منددة بعودة البعث، وسار في مقدم المتظاهرين تسعة محافظين تابعين لحزب «الدعوة» الذي يتزعمه المالكي. وأظهرت النتائج الجديدة التي أعلنتها المفوضية «العراقية» بزعامةعلاوي تقدمها بشكل طفيف على «ائتلاف» المالكي، إثر فرز 95 في المئة الأصوات. وقال المسؤول في المفوضية سعد الراويان «هذه النسبة تتضمن 53 بالمئة من تصويت العراقيين في الخارج»... وتظهر الأرقام وفق تعداد اجرته وكالة «فرانس برس» حصول «العراقية» على مليونين و631388 صوتاً مقابل مليونين و620042 صوتاً لائتلاف «دولة القانون».أي أن قائمة علاوي متفوقة بنحو 11 الف صوت. وطالب المالكي، في بيان شديد اللهجة أصدره في ساعة متأخرة اول من امس، المفوضية بإعادة فرز أصوات الناخبين يدوياً «حفاظاً على صدقية الانتخابات والحيلولة دون عودة اعمال العنف الى البلاد». وقال نزولاً عند «مطالب كتل سياسية عدة بإعادة العد والفرز يدوياً، فإنني بصفتي المسؤول التنفيذي المباشر عن رسم وتنفيذ سياسة البلد وبصفتي القائد العام للقوات المسلحة، أدعو المفوضية الى استجابة فورية لمطالب هذه الكتل». وأضاف البيان ان «هذه الخطوة هي للمحافظة على الاستقرار السياسي والحيلولة دون انزلاق الوضع الأمني في البلاد وعودة العنف الذي لم يتم دحره الا بعد جهود ودماء وعناء»، موكداً ان «الانتخابات تمثل خطوة كبيرة على طريق تعزيز التجربة الديموقراطية في العراق». وانضم طالباني الى المالكي فطالب بإعادة الفرز اليدوي فوراً في عدد من المحافظات:»بغية ضمان نزاهة الانتخابات وعدالتها قبل اعلان نتائجها» النهائية. وقال في بيان بثته صباح امس قناة «العراق»: «دفعاً لأي التباس او شك طالب الكثير من القوائم بإعادة الفرز اليدوي لنتائج الاقتراع في عدد من المحافظات». لكن رئيس المفوضية فرج الحيدري (أ ف ب) أعلن ان مجلس المفوضين يرفض إعادة عد وفرز الأصوات في كل البلاد. وقال: «اعطينا كل الكيانات نتائج الفرز والعد على قرص مدمج بعد التدقيق فيها، فلتقارن بين ما لديها ونتائجنا. واذا كان هناك خلل ما فليواجهونا» به. وأضاف «نحن على استعداد لإعادة العد والفرز في كل محطة اقتراع اذا ثبت ان فيها خللاً، لكن ليس هناك مجال لذلك في كل البلاد». وتابع:»لست شخصياً من يرفض انما مجلس المفوضية مجتمعاً». والمجلس مكون من تسعة اشخاص، بينهم رئيس الإدارة الانتخابية، يتم اختيارهم في مجلس النواب، ويتحمل مسؤولية إقرار السياسة العامة للعملية الانتخابية وإدارتها. وقال الناطق باسم المفوضية القاضي قاسم العبودي ان «عملية العد والفرز تمت بكل شفافية. اما الآن فالبعض يطالب بإعادتها. يجب ان تكون هناك اسباب كبيرة جداً وقوية وادلة دامغة بحدوث تزوير منظم في مناطق شاسعة وفقاً لمعايير دولية». واكد ان «هذا لم يحدث ولم يذكره اي تقرير دولي او محلي حتى الآن وعملية العد والفرز جرت بوجود مراقبين دوليين ومحليين ووكلاء الكيانات السياسية». واختتم ان «اعادة العد والفرز تستوجب اعادة نحو 300 الف موظف وهذه قضية شبه مستحيلة». واعتبرت الناطقة باسم قائمة علاوي انتصار علاوي بيان المالكي «تهديداً مبطناً لمفوضية الانتخابات». مشيرة الى ان «تلويحه بعودة اعمال العنف يمثل ترهيباً للشعب العراقي». ولفتت الى انه «كان اول من اكد نزاهة الانتخابات ودعا الى احترام النتائج وبعد ان تبين تراجع ائتلافه اعترض وطالب بإعادة فرز الأصوات وهذا يعني تجاوز الأطر القانونية والدستورية». إلى ذلك، اصدر تسعة محافظين موالين لائتلاف المالكي بياناً «يرفض اي تلاعب بأصوات الملايين من الناخبين». وطالبوا «المفوضية بإزالة قلق الشارع من خلال إعادة العد والفرز يدوياً بحضور مراقبي الكيانات السياسية بعيداً من الأساليب الإلكترونية الغامضة التي تثير الريبة اكثر من الثقة». وتابع البيان الذي وقعه تسعة من محافظين في الجنوب ومحافظ العاصمة ان «رؤساء الحكومات المحلية لا يمكن ان يقفوا متفرجين على هذه الأحداث الخطيرة وتداعياتها الأمنية والسياسية». وقاد المحافظون تظاهرة في النجف، شارك فيها مئات المواطنين احتجاجاً على ما وصفوه ب «تزوير نتائج الانتخابات».