خليل علي حيدر- الوطن الكويتية ما مصلحة العرب والمسلمين في المعركة التي يدعوهم الداعية نبيل العوضي إلى الاستعداد لخوضها قريبا؟ الأمم كلها، المسلمون واليهود والنصارى، يقول الداعية العوضي، «متفقة على وجود معارك فاصلة آخر الزمان»، وأهدافها دينية عقائدية، واليهود والنصارى يستعدون لهذه المعارك الفاصلة على قدم وساق، ويرون قرب وقوعها، أما المسلمون- وللأسف- فغير مهيئين ولا مستعدين لأي من هذه المعارك». أوروبا، يضيف، تعد أساطيلها وتجهز أسلحتها، وبدأت تكشر عن أنيابها، أمريكا دخلت في المعركة منذ زمن، اسرائيل تسلح جميع أفرادها وتشحن صغارها شحناً دينياً عقائدياً وتعده للمعركة الكبرى.. إيران تعد جيشاً قوياً.. «الدنيا كلها تستعد لحرب عالمية طاحنة.. إلا نحن أمة الإسلام» [الوطن، 2010/1/28]. هذا السيناريو المخيف المرعب الذي رسمه الداعية النشط، هل له أساس من الواقع الدولي اليوم؟ هل أوروبا وأمريكا والعالم كله، والدنيا كلها.. تتجهز حقاً، «لحرب عالمية طاحنة» وشيكة الوقوع؟ هل هناك محطات إخبارية وقنوات فضائية تبث أخباراً لا يسمعها إلا الأخ نبيل العوضي؟ وهل يمكن لكل هذه التطورات الخطيرة أن تتوالى دون أن تتحرك الأممالمتحدة، ويضطرب عالم السياسة والمال والتجارة، ويعم القلق والترقب «الدنيا كلها»؟ المسألة تتعلق بقراءة العوضي عن المعركة التي يقال إن اليهود ينتظرونها.. آخر الزمن! ولكن هل حلت فعلاً نهاية العالم؟ وهل نحن نعيش الساعات الأخيرة من حياتنا؟ الداعية العوضي، الذي لا يثق في أي شيء يقوله الغربيون، يصدقهم في نبأ قيام الساعة!؟ يقول، «بعض قادة الغرب السياسيين يعتقدون بأن زماننا هو زمان معارك آخر الدنيا ونهاية العالم». الداعية يعلن انطلاقا من هذه «التوقعات»، ورغم عدم استعداد أمة الإسلام للمعركة القادمة.. بشيء آخر! «نحن نؤمن بعودة المعارك ورفع راية الجهاد في سبيل الله، وتمايز الناس إلى فسطاطين، ونؤمن بأن اليهود سيقاتلون مع الدجال، وأن عيسى بن مريم سيقاتل مع مهدي هذه الأمة، ويقاتل أهل الإيمان معهما، وسيقتل ابن مريم الدجال، وسيفر اليهود ويختبئون وراء الحجر والشجر، وسينطقهما الله وتكون فلسطين مقبرة اليهود». الداعية العوضي يعتبر أوروبا والولايات المتحدة هم «الروم» الذين وردت الإشارة إليهم في الآثار النبوية وهدنة آخر الزمان، ويقول الداعية نحن لا نؤمن بكل ما يقوله أهل الكتاب، ولكننا في نفس الوقت نؤمن بأن هناك ملاحم كبرى ستكون في بداية العلامات الكبرى للساعة! وهكذا خلط الداعية الواقع العسكري لأوروبا وأمريكا وحلف الناتو، بالأحاديث والآثار النبوية بشكل غير مفهوم! ولم يشرح للقارئ طبيعة أسلحة الدمار المعاصرة، وما يمكن أن يحدث للمسلمين والعرب وعموم البشرية ان قامت معركة كونية بهذا الحجم. وإذا كانت الحرب شاملة مدمرة وبمقياس ربما «تسعة ريختر»، فما أهمية إسرائيل وما هي قدرة اليهود، وهم الذين «انكشفوا» في حرب لبنان، وهل ينجون فعلا من معركة «هرمجدون» إن قامت مهما أسعفتهم الحيل؟ تمنيت لو وضع الداعية العوضي أمامه دائماً، كشفاً بمشاكل العرب والمسلمين الواقعية!! السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصناعية والزراعية والتجارية والقانونية، وبقضايا انتشار الأمية والفقر والتخلف!! وبأن يدعوهم إلى حل هذه المشاكل بالارتفاع بمستواهم المعيشي وتطوير الجامعات وتحديث البنية الصناعية- الزراعية، وتعليم الرجال والنساء في الأرياف، ومنافسة اليهود في العلوم ومراكز الأبحاث، والتقدم الصناعي والحريات! هذه - أخي الداعية، أصلحك الله- هي معارك العرب والمسلمين الحقيقية اليوم.. لا«الهرمجدون».