ليس ثمة ما يبهج في الأيام القليلة الماضية أكثر من الخبر - الذي احتفت به الصحف السعودية يوم أمس - المتمثل في إصدار المحكمة العليا بالسعودية قرارا بإلغاء حكم التفريق في قضية طليقة النسب «فاطمة» الذي صدر من محكمة الجوف قبل خمس سنوات، حيث قضى قرار المحكمة العليا بإعادة الزوجين لبعضهما بعضا وجمعهما بطفليهما، وكان الزوجان قد تزوجا وأنجبا بموافقة والد الزوجة، ولكن لاحقا رفع بعض أقرباء الزوجة قضية لمحكمة الجوف مطالبين بتفريقهما بسبب أن نسب الزوج غير مكافئ لنسب الزوجة، الأمر الذي وجد فيه القاضي مبررا لفسخ عقد الزواج وتفريقهما عن بعضهما بعضا على الرغم من تمسك الزوجين بحقهما في الحياة مع بعضهما بعضا. ولا أذكر أن ثمة قضية لامست وجدان الناس أكثر من هذه القضية، حيث ظلت على مدى السنوات الخمس الماضية حديث المجالس، واهتمام الإعلام المحلي والدولي، وكذلك منظمات حقوق الإنسان التي تعاطفت بشكل بارز مع رغبة زوجين تمسكا بحقهما في الحياة معا، وتربية طفليهما في أجواء أسرية هانئة. إن الفرحة بصدور قرار المحكمة العليا لن تقتصر على فاطمة وزوجها وطفليهما، ولكنها فرحة مجتمع بأكمله يتطلع من خلال هذا الحكم إلى تعميق وتعزيز مبدأ المساواة بين أفراده، وهو المبدأ الذي تحرص القيادة على تأكيده وترسيخه ودعمه، وليس أدل على فرحة الناس بهذا النبأ من قراءة مداخلات القراء في المواقع الإلكترونية للصحف والمنتديات التي نشرت الخبر، إذ أطلق قرار المحكمة العليا فرحة الناس من عقالها فاستقبلوا النبأ بحفاوة لم يحظ بمثلها الكثير من الأخبار السارة، واعتبر هذا الخبر تاجا على رؤوس الأخبار، وغدا بيت الشعر الشهير: «وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا» ينطبق على الزوجين «منصور وفاطمة»، وأكاد أتخيل فرحة طفليهما بجمع الشمل، والعودة إلى أحضان الأسرة بعد سنوات من الشتات. وبالنسبة لي كانت هذه القضية تشكل هما دافعا للكتابة، فكتبت عنها - كغيري - عددا من المقالات، مطالبا عقلاء المجتمع وحكماءه بمراجعة ضوابط هذه المسألة في ضوء الشريعة الإسلامية تحسبا لما يترتب عليها من تمزيق أسرة، وتهديد أمن طفولة، وأحمد الله كثيرا على هذه النهاية السعيدة، متمنيا أن تكون هذه القضية خاتمة هذا النوع من القضايا، والتهنئة من القلب للزوجين وطفليهما.