الفساد الشرقي ليس فيروساً تسهل محاصرته بدواء مضاد، ولا هو مهما تكاثر الكره ضده حشرة مرئية تباد بغاز رخيص أو رذاذ تطهير.. رغم وحشية سطوه فهو أيضاً ليس وحشاً حيوانياً، أو قدرة بشرية عدوانية بسيطة يسهل التصدي لهما.. في تحديد مساوئه يسهل تحديد صفاته.. لكن في أوضاع كثيرة يصعب الوصول إليه.. في الغرب إذا حدثت تجاوزاته فليس هناك من هو معصوم من العقوبة، أو بتعديل أصح ليس هناك مظلات تخفي ملامح من فعل التجاوز، والسبب أن مساحة الانتشار محدودة، وقدرة القانون نافذة ومسيطِرة.. في العالم الثالث عموماً وفي العالم العربي بخصوصية واضحة يوجد تكاثر الانتماء إليه، حتى يبدو وكأن مجافاته قصور ذاتي، أو عجز ذكاء، أو غياب طموح.. بل لقد حولت المجتمعات تعريف كلمة فساد إلى مدلول سلوكي يتعلق بالتجاوزات الأخلاقية مما يرفضه الدين، ومنحت الفقير العاجز اقتصادياً الذي اختطف بعض ما يخص غيره.. منحته لقب سارق.. ثمة شيء ساخر للغاية فيما تؤدي إليه المقارنات من فوارق غريبة.. الشرقيون ينظرون إلى المجتمع الغربي على أنه لم يكبح وجود الفساد في مظاهر حياته الاجتماعية، كأن يكون هنالك إنجاب بين رجل وامرأة دون زواج، كما هي الحال في علاقة الفنان برادبيت بالسيدة الفنانة انجلينا جولي، ومثل هذا النموذج كثير، لعل بعضاً من شواهده نوعية الحياة التي كان يعيشها مايكل جاكسون حيث بعد موته ليس معروفاً بدقة ما إذا كن المنسوبات إلى أبوته بناته فعلاً.. وهناك نماذج كثيرة.. نقف عند تضاد آخر وهو أن «الفساد» عندما يعرفه الشرقيون في الغرب على أنه تجاوزات أخلاقية أو دينية نجد أن هذه الممارسات خصوصية سلوك غربي لمن يمارسها، لكنها لا تدخل في مسارات حياة الناس وحقوقهم، سواء تمثلت هذه الحقوق في جانب شخصي محدود، أو أنها تطاولت - وهذا السائد الأكثر - لاحتواء ملكية ما يفترض أن يرصد كمحرك ايجابي وعملي في كثير من مناحي حياة الآخرين.. فرق شاسع بين فساد شرقي وفساد غربي.. أليس كذلك..؟ على الأقل فسادهم محدود ومعلن كسلوك فردي بينما فساد الشرق شبه عمومية سطو غير مرئية.