طوال تاريخ الإسلام لم تكن المشكلة في تطبيق الشريعة وإنما في فهمها. هناك العديد من المدارس الفكرية والفقهية التي تختلف فيما بينها على تعريف المصطلحات القرآنية، وبالذات المصطلحات ذات العلاقة بالجانب التشريعي. ومن رحمة الله سبحانه أنه لم يمنح أحدا الحق في الحديث باسم الله إلا إذا كان مدعوما بالوحي. كلنا معرضون للخطأ وكلنا مرشحون لإدراك الصواب. وكما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: (كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر. وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه). إن إدعاء احتكار الصواب وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة هو الباب الذي يمكن لأعداء الدين أن ينفذوا منه لإشعال الفتن التي قد تصل إلى درجة الاقتتال بين أبناء الملة. ذلك أن باب الاختلاف كان وسيظل مشرعا في وجه كل من يتعاطى الشأن الديني نظرا لتعدد المدارس والاجتهادات ووجهات النظر. دعونا نتأمل مثلا في مصطلح التبرج الوارد ضمن القرآن الكريم.. هل هناك تعريف واضح ومجمع عليه من قبل علماء الأمة بشأنه..؟ الشيء الوحيد الذي نصادق عليه جميعا كمسلمين هو النهي عن سلوك التبرج الجاهلي. ولكن ما هو المقصود بالتحديد بالتبرج؟ هل هو سمة أخلاقية تدخل ضمن نطاق السلوك المباشر أم أنه أسلوب في الزي والزينة..؟ وإذا كانت المسألة تقتصر على الزي والزينة فما هو تعريف الزي المثالي وما هي حدود الزينة الواجب تجنبها؟ وأخيرا فهل يجوز عقاب المتبرجة، وما هي حدود هذا العقاب؟.. التبرج مصطلح يحتاج إلى إعادة تعريف. [email protected]