فرنسا تتجه بقوة لمنع ارتداء النقاب في الأماكن المفتوحة أمام الجمهور، والرئيس نيكولا ساركوزي اعلن انه يؤيد صدور قرار واضح عن البرلمان في قضية النقاب الذي بات بعض الفرنسيين يصفه ب «الجزء المرئي من جبل الجليد، من بقعة التطرف السوداء». وفي أميركا وصلت رغبة التدخل في شؤون الدول الى حد تبني الكونغرس مشروع قرار يدعو مؤسسات الأقمار الاصطناعية إلى عدم التعاقد مع القنوات التلفزيونية التي يعتبر الكونغرس أنها تدعو إلى «الإرهاب»، ومن دون تعريف لهذا «الارهاب». وفرضت إدارة أمن المطارات الأميركية، شروطاً مهلكة ومهينة على المسافرين الى الولاياتالمتحدة على متن عبر بعض شركات الطيران العربية والاسلامية، واخضاعهم للتفتيش باستخدام أجهزة اشعاعية تظهرهم عراة، والتعامل معهم كرهائن حتى نزولهم من الطائرة. هذا «الهجوم» المعنوي على شعوب المنطقة ودولها، يتزامن مع توترات أمنية مفزعة في افغانستان والعراق والصومال، وتلويح بتدخل عسكري في اليمن، وبتوجيه ضربة عسكرية الى المنشآت النووية الايرانية تنفذها اسرائيل، فضلاً عن أن الإجراءات الأمنية في المطارات الأميركية والغربية تشير بوضوح الى رغبة أميركية جامحة في اعادة الزمن الى وراء، كأننا سمعنا للتو بخبر الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي في نيويورك. وعوضاً عن الالتفات الى الثغرة الامنية التي سمحت باختراق الشاب النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب لأجهزة التفتيش في مطار امستردام، تحوّل الحادث فرصةً سياسيةً لاستعادة اجواء التوتر والشك، والمعاملة العنصرية التي أفسدت العلاقة بين الولاياتالمتحدة وشعوب الدول العربية والإسلامية. لا شك في أن الإدارة الأميركية في صدد تنفيذ خطة جديدة وجدية لاذكاء التطرف والارهاب في المنطقة، وكأن المسؤولين الأميركيين ساءهم نجاح معظم الدول العربية في محاصرة الظاهرة، وتجفيف منابع تمويلها، ومحاصرة ثقافتها. فهذا السعار الأمني من أجل حادثة أمنية كُشف أخطر منها في غير دولة خلال السنوات الماضية يصعب النظر اليه من زاوية الاحتياطات الأمنية، ناهيك أن بالإمكان تطوير القدرات الأمنية، وتشديد إجراءات السفر في المطارات من دون العودة الى أسلوب التمييز ضد العرب والمسلمين. الأكيد ان الأمل برؤية أميركا مختلفة عن تلك التي عرفها العالم خلال سنوات حكم الرئيس جورج بوش، تبدد اليوم. فها هي أميركا تعود بكل حماسة الى صورة الدولة البوليسية، وتتمسك بخرافات المحافظين الجدد، وكأنها أدمنت استمرار التطرف والإرهاب في العالم.