فلا يظننّ أحدٌ أن وقوفي في العنوان بعاليه كان في الواقع، ولكنه في المجازين: في قلب الصورتين على الصفحة الأولى من صحيفتين. على اليمين، كانت الدكتورة خولة الكريع تقف بكل الكبرياء وهي تقطف ثمرة الجهاد الطويل في الطاولة الأمام، الأم، لإثنينية الوجيه الجداوي عبدالمقصود خوجة. على اليسار، اعتراف رؤساء مكاتب الدعوة والإرشاد في ست مناطق سعودية بانتشار شبهات تكفيرية بين داعيات في تلك المناطق. في الصورة الأولى، تعلن خولة الكريع أن الحرب على مرض السرطان ابتدأت في عام 1980 وستضع هذه الحرب أوزارها علاجاً في عام 2015، وفي الخبر الثاني داعيات باسم هذا الدين العظيم تعترف الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة الشؤون الإسلامية أنهن مازلن في خضم حرب الفكر التدميري التكفيري. والسؤال المرير الذي لم يجب عليه مجتمعنا حتى اللحظة إلا بالتسويف أو الوقوف في المنطقة الفاصلة بين لونين: لمن نصفق؟ للمرأة السعودية التي تعلن أننا على أبواب المعركة الأخيرة الحاسمة من القضاء على خلايا السرطان، أم للمرأة السعودية الأخرى، التي مازالت في قلب المعركة المريضة من أجل مزيد من خلايا الإرهاب؟ لمن نصفق؟ للمرأة السعودية التي أنجبت أربعة أطفال في رحلة الدراسة الجامعية ثم تصدت لمئة بحث عن الجين المكون للسرطان من أجل الحياة، أم للسعودية الأخرى التي يقول عنها مسؤولو الدعوة والإرشاد والوزارة المسؤولة أنها من أجل فكرة الموت العبثي تنشر أبحاث القتل وشبهات التكفير؟ هل نصفق من أجل الحياة أم من أجل الموت؟ هذا السؤال الذي مازال في مجتمعنا شبهة. هل نصفق للمرأة السعودية التي قضت حياتها حتى اللحظة باحثة قارئة تسبح في آلاف الكتب والأبحاث، وتصبح على رائحة المعامل وإفرازات الجين العدو للحياة، أم للسعودية الأخرى التي يقول عنها مشرفو الدعوة إنها تنشر التكفير شبهة لأنها قاصرة في الفهم الشرعي ولأنها وقعت في المحظور القاتل لأنها لم تقرأ ولأنها لم تبحث؟ مخجل ومخل ومجلجل، أننا مازلنا حتى اللحظة في حيرة لمن نصفق وإذا أردت أن تعرف موقعك من هذا النفاق الاجتماعي فضع كفيك في مقابل بعضهما لتعرف أين تذهب: إلى الحرب على الموت أم إلى الحرب على الحياة. إلى السعودية، المرأة، التي تعلن أوزار الحرب على مرض السرطان، أم إلى السعودية المرأة التي تعلن وزر خلايا الإرهاب؟ للمرأة التي تعلن انتصار الحياة، أم لتلك التي تعلن حتمية الموت.