حدث يثير الفخر والإعجاب ويلقى بعباءة الشرف على منطقة الجوف بأكملها وقلادة لا تزيّن صدر صاحبتها فحسب بل تتجاوزها لصدور كل عشاق النجاح والتميز . هذه المقدمة أكتبها بقلم لا أملك السيطرة على مداده المتدفق وأنا أحكي عن نجاح العالمة د. خولة الكريع التي قلّدها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى لجهودها الفاعلة في أبحاث السرطان ونجاحها في التوصل الى جين ال AKT المسؤول عن نمو وتسارع الخلايا السرطانية . ومع قناعتي الكاملة بأن الكلمات مهما تزينت حروفها لن تصل الى بريق الوسام وأن تعابير القلم ستظل أقل من الحدث الذي يحكي نفسه وتتداوله ألسنة الجميع في كل محفل إلا أن دوافع لا يدريها أحد تسوقني اليوم لتوثيق الإعجاب وتسجيله على الورق ليكون كما يقال -شهادة حب وحق - فالعالمة خولة الكريع بيني وبينها أواصر دم وكلانا نشأ وترعرع في مدينة الجوف الغالية على كل قلب , ليس هذا فقط بل بين أحلامنا وطموحنا جسر موصول حتى إنني كنت من صاحبات الأقلام التي تنبأت للباحثة الطموح بمقعدها العلمي الوثير . نعم راهنت على نجاحها كما يراهن غيري على فرس السباق الأصيل وكنت على ثقة أن خولة الطموح لن تخذلني ولن تخيب أحلام مدينتها التي علقت في رقبتها أمنية النبوغ . سعادتي بخولة الكريع ووسام التكريم الذي توّج رحلتها العامرة بالنجاحات تكمن في الالتفاتة الكريمة من قبل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله - للعلماء والباحثين ممن أثروا ساحة البحث وقدموا فتوحات علمية يحكيها العالم بلسان الإعجاب . التفاتة كريمة تشحذ همم الجميع وتدفعهم للركض في مضمار العلم النافع من أجل خدمة الوطن ورفعه مكانته . وبعيدا عن صلة الدم وأواصر القرابة وأيام الجوف مسقط الرأس اسمحوا لي أن أؤكد أن هناك فرقا بين نجاح ونجاح وقلادة وأخرى . فما حققته العالمة السعودية خولة الكريع من تميز في رحلة بحثها عن دواء وعلاج لمرضى السرطان يحمل في طيّاته هدفا انسانيا لا يخطئه الجميع بل وينتظره المرضى ممن أوجعهم الداء وأحال حياتهم الى جحيم . لقد جمعت خولة في مسيرتها بين نجاح العلم وبريق الهدف الانساني وكانت بحق انموذجا للمرأة السعودية في أجمل صورة لها ...شكرا خادم الحرمين فلقد منحت خولة حقها وقدمت لها الوسام على أجمل صنيع تقدمه امرأة لوطنها . تمكن فريق علمي طبي في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض برئاسة الدكتورة خولة الكريع، كبيرة علماء أبحاث السرطان، من التوصل إلى اكتشاف جين قد يكون مسؤولاً عن نمو وتسارع الخلايا السرطانية لسرطان الغدد الليمفاوية وهو جين (AKT) وإبطال تأثيره مخبرياً. وكان الفريق قد استطاع بوسائل مخبرية متطورة تسجيل نشاط ذلك الجين وقدرته على إعطاء الأوامر للخلايا السرطانية بالتكاثر والنمو بعد أن جرى فصل الخلايا السرطانية واختبارها عبر طريقة علمية بالغة التعقيد في معامل مركز الأبحاث بالمستشفى. إثر ذلك واصل الفريق العلمي دراسته لبحث إمكانية إيقاف نشاط الجين بطريقة مخبرية حيث تم إدخال مركب كيميائي يدعى (294002YL) إلى داخل نواة الخلية السرطانية، وبعد مرور 24 ساعة من دخول المركب بدأت الخلية بالانكماش ثم الموت ما يعني توقف تسرطنها (نموها السرطاني). وأثناء نقل هذه النتائج المثيرة إلى المرحلة السريرية (الإكلينيكية) جرى فحص 100 مريض مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية، وظهر أن 52% من هؤلاء المرضى لديهم نشاط ملحوظ في جين (AKT) في الخلايا السرطانية، وعند متابعة تجاوب هؤلاء المرضى للعلاج لوحظ أن هذه الفئة التي تملك نشاطاً في هذا الجين لا تتجاوب مع العلاج الكيميائي، فيما عانى بعضهم الآخر من عودة السرطان بعد العلاج. ونشرت نتائج البحث، الذي استغرق عامين متواصلين وشمل دراسة 100 حالة سعودية يعانون من سرطان الغدد الليمفاوية نوع (DLBCL) الذي يمثل أكثر من 65% من سرطانات الغدد الليمفاوية في المملكة، في أعرق مجلة طبية عالمية لسرطانات الدم والغدد الليمفاوية (BLOOD) الصادرة عن الجمعية الأمريكية للأورام وأمراض الدم في عددها الصادر لشهر يناير. يذكر أن الفريق العلمي المشارك في هذا البحث تكون من الدكتور شهاب الدين خان و الدكتور أزهر حسين والدكتور عبدالخالد سراج والدكتور عدنان عزت والدكتور حسان الصلح والدكتور فؤاد الدايل والدكتور براشنت بافي والدكتور عاصم بلقومي، وفني المختبر نايف الجمعة، وفنية المختبر فاليري أتيزادو.