الجاسر: 4 مطارات مطروحة حاليا للقطاع الخاص    العدل: منصة نافذ سرّعت الإجراءات وقلّلت التكاليف وزادت الشفافية    أمير الحدود الشمالية يستقبل الأطفال الإعلاميين بعد إتمامهم برنامج «الإعلامي الصغير»    وفود العسكريين يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة تميّز خدمة ضيوف الرحمن    استمرار هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    لترتيب المرحلة الانتقالية ..سورية تشكل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني    الأمير فيصل بن بندر يكرّم طلبة تعليم الرياض الفائزين في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    كانسيلو على رادار مانشستر يونايتد.. هل يوافق الهلال على بيع اللاعب؟    وزير الاستثمار: ما يقارب من 600 شركة عالمية تتخذ المملكة مقرًا إقليميًّا لها.. والاستثمار تضاعف ليصل 1.2 ترليون ريال    قائد القوات الخاصة للأمن والحماية يزور جناح وزارة الداخلية في "ليب 2025"    أمير الشرقية يدشن فروع شمعة التوحد بالأحساء والظهران ويفتتح جمعية "نمو"    ركن الحرفيين يجذب زوّار معرض جازان للكتاب    الأردن: لا توطين.. لا تهجير.. ولا حلول على حسابنا    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة ال ( 54 )    كوريا الجنوبية تتجه لإقامة علاقات دبلوماسية مع سورية    "زين السعودية" و"هواوي" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز تجربة "حج 2025" عبر الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات    استشهاد فلسطيني في قصف إسرائيلي على رفح.. واعتقال 70 فلسطينيًا في الخليل    حكومة لبنان: بيان وزاري يُسقط «ثلاثية حزب الله»    تراجع أسعار الذهب بعد تصريحات جيروم باول    «اليونسكو» تستشهد ب«سدايا» نموذجاً عالمياً في دمج البيانات والذكاء الاصطناعي    السعودية تتسلّم رئاسة الشبكة العالمية لسلطات إنفاذ قانون مكافحة الفساد    «أرسين فينغر» يطلع على استراتيجية المنتخبات والإدارة الفنية    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. الشاعر مهدي بن قاسم فقيهي    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يرعى الحفل الختامي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل    «ريمونتادا» مثيرة تقود ريال مدريد لكسر عقدة مانشستر سيتي بفوز تاريخي    "بونهور" مديراً فنياً لاتحاد كرة القاعدة والكرة الناعمة    القلعة يقترب من"الثانية"    أمير القصيم يكرم 27 يتيمًا حافظًا للقرآن    الصيد.. تجربة متكاملة    المملكة 11 عالميًا والأولى إقليميًا في المؤشر العالمي لسلامة الذكاء الاصطناعي    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد يؤكد : رفض قاطع لتصريحات إسرائيل المتطرفة بتهجير الفلسطينيين    مناقشة سبل مكافحة الأطفال المتسولين    قرد يقطع الكهرباء عن بلد بالكامل    من أعلام جازان.. المهندس يحيى جابر محسن غزواني    المملكة تواصل جهودها الإنسانية عالميًا عبر «الملك سلمان للإغاثة»    الدول العربية تبلغ واشنطن رفض خطة ترمب لغزة    بعد البشر والحجر.. الاحتلال يستهدف «المكتبات الفلسطينية»    مملكة الأمن والأمان    فنانة مصرية تتعرض لحادث سير مروع في تايلاند    توثيق تطور الصناعة السعودية    الساعاتي..عاشق الكتب والمكتبات    سلمان بن سلطان: القيادة تولي اهتمامًا بتنمية المحافظات    القيادة تهنئ الرئيس الإيراني بذكرى اليوم الوطني لبلاده    رأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.. أمير المدينة: رفع مستوى الجاهزية لراحة المصلين في المسجد النبوي    أمير منطقة المدينة المنورة يرأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة    أمريكية تفقد بصرها بسبب «تيك توك»    «حملة أمل» السعودية تعيد السمع ل 500 طفل سوري    بعض نقاط التمييز بين اضطرابات الشخصية    صندوق الاستثمارات العامة شريكاً رسمياً لبطولة السعودية الدولية للسيدات للجولف    «المحتوى الشبكي».. من التفاعلية إلى الاستقطاب!    بصراحة مع وزير التعليم !    أوغندا تسجل إصابات بإيبولا    الاستحمام البارد يساعد على النوم    القشطة والفطائر على وجبات الإفطار بالمسجد النبوي    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    الإنسان قوام التنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا الهيئة في الصحافة بين الإثارة والمصداقية
نشر في أنباؤكم يوم 21 - 12 - 2009


محمد بن عواد الأحمدي - نقلا عن الاسلام اليوم
أعاد البيان الصحفي الذي أصدرته إمارة منطقة حائل مؤخراً، ونشرته صحيفتا الوطن والمدينة في عددهما الصادر في 26/12/1430ه حول قضية الخلوة ب"خلوة الشملي" – إلى الأذهان الموضوع الجدلي الذي يُثار بين الفينة والأخرى على المشهد الفكري المحلي حول مدى مهنية الصحافة السعودية في تعاملها مع قضايا الهيئة.
البيان الصحفي أوضح بجلاء سلامة موقف أعضاء الهيئة في تعاملهم مع أطراف القضية، وثبوت إدانة المرأة والشابين اللذين اختليا بها بناء على الحكم القضائي الصادر من محكمة التمييز، والذي أوضح عدم صحة كثير من التفاصيل التي نشرتها بعض الصحف عن القضية في حينها!!
وعلى وجه العموم، يلاحظ المتابع للحراك الفكري في المملكة مؤخراً أن الصحافة السعودية أثارت خلال السنتين الماضيتين عدداً من القضايا المتعلقة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من أبرزها قضية وفاة "الحريصي" بعد مداهمة فرقة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرياض لمنزله والقبض عليه بتهمة ترويج المسكرات، متأثراً بإصاباته بعد مقاومته لرجال الهيئة، وحادثة وفاة "البلوي" في أحد مراكز هيئة تبوك، ووفاة شاب وفتاة بعد اصطدام السيارة التي كانت تقلهما بسيارة نقل كبيرة إثر هروبهما من دورية الهيئة بمدينة تبوك، وحادثة "الخليل" بالمدينة المنورة والتي توفي فيها شابان وامرأتان بعد انقلاب سيارتهم أثناء هروبهم من دورية الهيئة.
وقد تابع الرأي العام تفاصيل تلك القضايا وسيناريو أحداثها عبر ما نشرته الصحف المحلية، والتي تسابقت تسابقاً محموماً على متابعة تفاصيل تلك القضايا، والتي احتلت العناوين الرئيسة والصفحات الأولى في الصحف في تصعيد إعلامي غير مسبوق، ومن خلال تلك التغطيات الصحفية استطاع الجمهور المتابع أن يُكوِّن تصوّراتٍ مبدئيةٍ عن وقائع تلك القضايا، ولكن للأسف، فقد كانت المفاجأة الحقيقية أنه ومع مرور الوقت وظهور نتائج التحقيقات والأحكام القضائية في تلك القضايا اتضح أن واقع تلك القضايا لم يكن متفقاً مع ما نُشر في كثيرٍ من الصحف، وأن الصورة المرسومة عن تلك القضايا والمتسببين فيها عبر الصحافة لم تكن صورة واقعية ودقيقة، بل كانت صورةً مشوهةً وبها كثير من المغالطات، ولم تتعرض لتلك القضايا من كافة زواياها، بل على العكس فقد تم اختزالها في بعض جوانبها دون البعض الآخر، والغريب أن كثيراً من الصحف في تلك القضايا وفي غيرها تجرّأت على اتهام الهيئة بعد وقوع تلك الحوادث مباشرة وقبل بدء التحقيقات الرسمية، وحتى قبل اتضاح الحقيقة للجهات المعنية، مع العلم أن التحقيقات الجنائية والتقارير الطبية والنظر القضائي للقضايا أوضح في النهاية سلامة موقف الهيئة في جميع القضايا السابقة المشار إليها، وفي كثيرٍ مما نُشر غيرها، وذلك على عكس المنشور في بعض الصحف!!! فحالات الوفاة التي أشاعت كثيرٌ من الصحف أنها كانت بتسبب مباشر من أعضاء الهيئة بمطاردة أو ضرب أو نحو ذلك، ظهر فيما بعد أن الهيئة بريئة منها، وأنها حدثت نتيجة أسبابٍ أخرى.
وقد نشرت صحيفة الرياض في عددها (14232) بياناً من إمارة منطقة تبوك يوضح أن سبب وفاة "البلوي" هو نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية، كما نشرت صحيفة عكاظ في عددها (2926) صدور حكم قضائي مميز من ديوان المظالم يؤكد عدم مطاردة دورية الهيئة للسيارة التي كانت تقل الشاب والفتاة، وبراءة أعضاء الهيئة من التسبب في حادث اصطدام السيارة، والذي أدّى إلى وفاة الشاب والفتاة، كما نشرت صحيفة عكاظ في عددها (2936) صدور قرار قضائي مميز من ديوان المظالم يقضي ببراءة أعضاء الهيئة في حادثة "الخليل" في المدينة من مطاردة السيارة التي كان تقل الشابين والمرأتين وعدم تسببهم في الحادث الذي جرى لها، كما نُقل الخبر عن محامي أعضاء الهيئة عزمهم على رفع دعوى ضد كل من أساء إلى أعضاء الهيئة واتهمهم بغير وجه حق.
وقد تيسر لي متابعة مضامين النشر الصحفي لتلك القضايا وغيرها مما يتعلق بقضايا ومشكلات هيئة الأمر بالمعروف والنهي المنكر خلال الأعوام (1428-1429-1430ه) ، وتقييمه وفق المعايير المهنية ومقارنته بالواقع الفعلي، والذي أظهرته نتائج التحقيقات والأحكام القضائية لاحقاً، فلاحظت أن هناك اندفاعاً محموماً من بعض الصحف المحلية نحو إدانة أعضاء الهيئة، وتحميلهم بعض التبعات والمسؤوليات التي لا يتحملونها لا شرعاً ولا نظاماً، وذلك أثناء التغطية الصحفية للأحداث والمشكلات المتعلقة بالهيئة، خصوصاً في بداية تغطية كل قضية، ويخف هذا الاندفاع وتقل حدته شيئاً فشيئاً حتى تنتهي التحقيقات وتصدر الأحكام القضائية، كما لاحظت أن اندفاع بعض الصحف نحو الاتهام والإدانة لأعضاء الهيئة يكون كبيراً، بينما نجد أن الاحتفاء بالخبر والدافعية للنشر تضعف -وقد تنعدم في بعض الأحيان- عندما تصدر بعض النتائج التي توضح سلامة موقف الهيئة، وهذا لا يعني بالطبع تبرئة الهيئة من الخطأ في كل القضايا التي نشرتها الصحافة؛ فهناك لاشك قضايا يتحمل أعضاء الهيئة تبعاتها الشرعية والنظامية، ولكن نحن نتحدث عن السمة العامة أو الغالبة لما غطته الصحافة خلال تلك الفترة.
وبنظرة تأملية للتغطيات الصحفية لقضايا ومشكلات الهيئة في الصحافة تبين بوضوح طغيان جانب الإثارة الصحفية المجردة عن المصداقية والدقة في النشر، مما يُعدّ ضعفاً في المهنية الإعلامية لتلك التغطيات الصحفية، فمع أهمية عنصر الإثارة في العمل الصحفي خصوصاً والعمل الإعلامي على وجه العموم، إلاّ أنه يجب أن تكون الإثارة في حدود المصداقية، ولا تخرج عنها أو تقدم عليها؛ فالمصداقية والدقة في الخبر الصحفي شرطان مهنيان في غاية الأهمية، لا يجوز التخلي عنهما أو التقليل من شأنهما في أي حالٍ من الأحوال.
والمؤسف حقاً أن تلك التغطيات الصحفية ذات الإثارة المفرطة والمصداقية الضعيفة ساهمت في آثار سلبية على الوطن عموماً؛ فقد أدت إلى تضليل الرأي العام المحلي، وتشويه الواقع، وقلب الحقائق، وتأليب المجتمع على مؤسسة عامة، وتشويه سمعتها، والتشكيك في أهمية دورها والحاجة إليه.
وللقارئ الكريم أن يتخيل ردود الفعل السلبية من الكثيرين تجاه الهيئة وأعمالها الإيجابية في المجتمع بعد تلك التهم التي وجهتها كثير من الصحف المحلية من دون حق لأعضاء الهيئة في القضايا السابقة وغيرها، والتي ظهر فيما بعد براءة الهيئة منها جميعاً، كما أدّت تلك التغطيات الصحفية تبعاً لذلك إلى مضاعفة ضغوط منظمات حقوق الإنسان الدولية على المملكة، فمن المعلوم أن المنظمات الأجنبية عموماً تعتبر المنشور في الصحف المحلية لأي دولة من أهم مصادر المعلومات عن أجهزة الدولة والمجتمع المستهدف.
أقول ذلك مع قناعتي الكبيرة بالوظيفة النقدية التي تمارسها الصحافة، والتي تؤدي إلى كشف مواطن الخلل والقصور وتصحيح الأوضاع السيئة في الأداء العام لمؤسسات القطاع العام والخاص، وتلك وظيفة ذات أهمية كبيرة في العملية الإصلاحية، ومن مصلحة الوطن استمرارها ودعم الجميع لها، ولكن ما أحب التأكيد عليه هو الحذر من أدلجة تلك الوظيفة الحيوية للصحافة، وتوظيفها في الخصومات الفكرية، واستخدامها لتصفية الحسابات الفئوية، وغلبة الإثارة فيها على المصداقية.
فالهيئة وغيرها من المؤسسات العامة الأخرى بحاجة ماسة للنقد وسماع وجهات الآخرين تجاه أعمالها حتى تنتبه لأخطائها، وتصححها، وتطور من أدائها، ولكنه النقد المهني البنّاء القائم على المعلومة الصحيحة والدقيقة، والذي يبتغي المصالح العامة لا المصالح الفئوية.
وفي تقديري، أن ما سبق يجعلنا نؤكد على أمرٍ مهم، وهو ضرورة تعامل صنّاع القرار والباحثين والمهتمين بالشأن العام بحذر مع المنشور في الصحافة المحلية فيما يتعلق بقضايا ومشكلات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم الاكتفاء به لتكوين التصورات العامة عن الحوادث والقضايا المتعلقة بهذا الجهاز الحساس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.