عظيم أنت يا وطني، جميل أنت يا وطني، مميز أنت يا وطني. كل لحظة من لحظات العمر هي لحظتك، وكل إنتاج وإبداع ما هو إلا لرفعتك، وكل انتماء وسهر لم ولن يكون إلا من أجلك، ولكن!! •• انهم يتحدثون عن الوطن وهم لا يفخرون بالوطن، بل لا هَمّ لهم إلا جلد الذات، وتشويه الميزات، فصورة ابن الوطن في عقولهم وكتاباتهم وأعمالهم سوداء مظلمة، قد استحكمت عقد النقص في كيانهم، واستولت عليهم التبعية في كل تصوراتهم. •• إنهم يتكلمون عن الوطنية ويتحدثون عن الانتماء وهم يسرقوك كل يوم يا وطني، ويخونوك كل لحظة، ويهدروا مالك عند كل علاقة، ويدمروك كل دقيقة، لك الله يا وطني! •• إنهم يفهمون الوطنية شعارات، يحققون من خلالها الأنا قبل أن يرسخوا الانتماء، فخرجت أعمالهم مجرد قص ولصق، وجمع بلا ترتيب، وكتابة بلا تخطيط، لا لون ولا طعم ولا رائحة، فزهدوا الناس في الوطن والوطنية. •• يقولون إنهم يهيمون بحب الوطن، ومشروعهم في الوطن أنهم بلا مشروع، ووطنيتهم بلا هدف، أوقاتهم تذبح على مذابح الفراغ والجدة، ودقائق عمرهم تهدر في أماكن لا تذكر فيها الجدية والبناء إلا قليلاً. •• يتحدثون عن ضرورة بناء الوطن، والمشاركة في مسيرة التنمية، وإداراتهم مقابر للإبداع، ومراتع للبيروقراطية، وبيئة مناسبة لفيروسات التخلف والتحطيم. •• يبكون على الوطن ويرثون لحال المواطن، وهم قد جنّدوا أنفسهم لنشر ثقافة اليأس والإحباط والتشاؤم، لا يعرفون من الألوان إلا السواد، ولا يدركون من مفهوم المواطنة إلا النقد والتحطيم، هدفهم المفضل كل مبدع وناجح، وميدانهم الجميل ساحات الانترنت وعوالم الأسماء المستعارة، من خلالها يصفوا حساباتهم الشخصية، وينفسوا عن أحقادهم المرضيّة، وعلى حساب من ؟ على حساب الوطن الذي جعلوا حبه في توقيعهم. •• يتكلمون عن الوطن الكبير ذو القلب الرحيم، والصدر الواسع، ثم إذا جدّ الجد، وبانت الخفايا، أصبح الوطن لا يسع إلا شخصهم، ولا يعترف إلا بوجودهم في اقصائية مقيتة، وازدواجية مخيفة. •• يصبغون الوجوه، ويعلقون الصور ويرفعون الرايات، ثم لا يردعهم هذا عن العبث بالممتلكات، وتشويه المنجزات، وهم ينشدون أناشيد الوطن، ويترنمون بحب الوطن، يا الله من الذي شوّه مفهوم الوطنية في عقول هؤلاء؟! •• سلبيون نحن تجاهك يا وطني، نراهم يمزقوك ولا نتحرك، نراهم يتجرأون عليك ولا نتكلم، نراهم يعبثون بمنجزاتك ولا نقول لهم: قفوا فقد أسأتم، وشوهتم، ودمرتم!!