حين رعى الشيخ سليمان بن عبدالعزيز الراجحي رئيس مجلس إدارة شركة الراجحي المصرفية للاستثمار (عن طريق مؤسسته الخيرية) مشروع "استبدال الأشرطة الغنائية والمجلات الهابطة" الذي كتبت عنه منذ ما يقارب الأسبوعين مقالاً في "الوطن" وفي هذا المكان بعنوان (كيف تحرم وزارة الشؤون الإسلامية أنشطة رخصتها الحكومة..؟؟) وتحمل تكلفته المالية، فإن ذلك بالتأكيد لم يكن مجاملة منه لأحد، وإنما لاقتناعه بجزيل الثواب الذي سيحصل عليه في الآخرة. ما دام الأمر كذلك ياشيخ سليمان فإن هناك أبواباً أخرى للأجر أكثر التصاقاً بأنشطتك المصرفية وأكثر ربما حاجة للاستبدال وهو نشاط الإقراض الذي تقوم به مصارفنا الإسلامية وهو ما يسمى بالتورق المنظم. ويتلخص في (شراء "المستورق" سلعة من الأسواق المحلية أو الدولية بثمن مؤجل يتولى البائع "الممول" ترتيب بيعها إما بنفسه أو بتوكيل غيره أو بتواطؤ المستورق مع البائع على ذلك، وذلك بثمن حال أقل غالباً) وهذا هو تعريف مجمع الفقه الإسلامي له بالحرف الواحد... هذا النشاط المصرفي الموجود في مصارفنا الإسلامية بحثه مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة عشرة المنعقدة في الفترة ما بين 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430ه وحرمه فقال إنه غير جائز، وكذلك حرم التورق العكسي، أي عكس الصيغة التي أوضحتها بحيث يحل المصرف محل المستورق وسبب التحريم هو التواطؤ الواضح كما ورد في القرار بين المصرف والمستورق، وقد طلب مجمع الفقه من جميع المصارف الإسلامية استخدام صيغ الاستثمار والتمويل المشروعة. إنني لا أنطلق في فكرتي هذه من تأييد لما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي أو معارضة له فهذا ليس مجال بحثي الآن، وإنما انطلق من اقتناع الشيخ سليمان من تبنيه لمشروع استبدال الأشرطة الغنائية (التي كانت بترخيص من وزارة الإعلام بناء على نظام المطبوعات الصادر بمرسوم ملكي) نظراً لكونها كما ورد في المنشورات الدعائية لمشروع الاستبدال مواد محرمة، فإذا كان قد رعى مشروع الاستبدال هذا لكونها محرمة طلباً للثواب اعتماداً على فتوى التحريم الصادرة من بعض المجتهدين فإن هناك أبواباً أخرى للأجر أمامه أولها استبدال أسلوب التمويل الذي تتبعه بعض مصارفنا الإسلامية (التورق المنظم والعكسي) الذي تم تحريمه ليس من بعض المجتهدين وإنما من مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. أما الباب الثاني للأجر فهو إيجاد أسلوب يطمئن إليه المودعون في المصارف الإسلامية يعطيهم بعض أرباح ودائعهم التي تحصل عليها المصارف، إذ أعتقد أنه لو نجح الشيخ سليمان بالتعاون مع الآخرين لإيجاد هذا الأسلوب الآمن المقنع للمودعين وتم الإعلان عنه بوضوح في جميع فروع المصارف فسيكون ثوابه إن شاء الله جزيلاً. أما أكثر الأبواب ثواباً في رأيي فهو الاستجابة لمجمع الفقه الإسلامي في دعوته التي وجهها للمصارف الإسلامية ومنها شركة الراجحي المصرفية في قراره الذي أشرت إليه حين حض المصارف الإسلامية على (تشجيع القرض الحسن) بهدف تجنيب المحتاجين اللجوء للتورق، وأرى أنه من واجب المصارف الإسلامية تخصيص بعض أرباحها لهذا (القرض الحسن) الذي دعا إليه مجمع الفقه الإسلامي. وأبواب الخير كثيرة ولكن اكتفيت بتلك الأبواب الثلاثة لأني رأيت أنها أكثر التصاقاً بالشيخ سليمان من غيرها من أبواب الخير الأخرى خاصة مشروع استبدال الأشرطة الغنائية والمجلات الهابطة ولعل الشيخ يستجيب لندائي لأنال من الأجر مثلما يناله لأن الدال على الخير كفاعله.