السؤال فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله. هناك بعض الإخوة يهاجرون من بلادهم إلى بلاد أخرى لما يحصل لهم من تضييق وإيذاء، فهل يجوز الهجرة من البلاد الإسلامية الظالمة والمضيقة على المستقيمين في إقامة شعائر دينهم إلى البلاد الغربية العادلة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فالبلاد الإسلامية خير من بلاد الكفار مهما كان فيها من النقص والتقصير، ومهما كان فيها من المعاصي والظلم، فلا يليق أن نسمي بلاد الكفار عادلة مقابل بلاد المسلمين، بسبب ما قد يقع من الظلم على بعض الناس، مع العلم أن بعض ما يقع من الظلم، هو بسبب تصرف الانسان، فالواجب ألا يعرض الانسان نفسه إلى ظلم الحكام، وإذا اضطر إلى الانتقال من بلده، فلينتقل إلى بلاد آخرى من بلاد المسلمين، التي لا يتعرض فيها للظلم، وإذا ابتلي الإنسان بظلم لم يستطع دفعه، فعليه أن يصبر فإن هذا من المصائب التي يؤجر الإنسان على الصبر عليها، وليلجأ إلى الله ويدعوه بأن ينصره على من ظلمه، وأن يغفر له ذنبه، فإن من الظلم ما يكون عقوبة على بعض المعاصي، كما يسلط الكفار على المسلمين بسبب ذنوبهم، كما حصل في غزوة أحد، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ). أما أن يفر المسلم من بلاد المسلمين التي يلقى فيها إخوانه المسلمين، ويسمع فيها أصوات المؤذنين، وتقام فيها الجمع والجماعات، إلى بلاد الكفار التي إقامته فيها خطر عليه، وعلى ذريته، فإنه لا يأمن أن يفتن عن دينه، وأن سلم هو لم تسلم ذريته، وإذا اتخذ بلاد الكفار وطنه فيكون سبباً في شقاء ذريته، ومعلوم أن أكثر ما في بلاد المسلمين من الفتن المضلة، الصادة عن الدين، إنما كانت بجهود الكفار، ومكائدهم لصد المسلمين عن دينهم، وإفساد أخلاقهم، لأنهم لايرضون عنا إلا أن نتبع ملتهم، كما قال: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) وقال تعالى: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ) الآية، وقال: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً) الآية، فاثبت أيها الأخ الكريم، ولا تعدل ببلاد الإسلام سواها، وأحمد الله على نعمة الإسلام، وخذ بالأسباب الواقية لك مما تكره، و لا تغرنك الدعايات، نسأل الله أن يثبتنا، وإياك على هداه، ويعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعز الاسلام والمسلمين، ويدمر على الكافرين، إنه على كل شيئ قدير. والله أعلم .وصلى الله على نبينا محمد.