هاني الظاهري - الاقتصادية بعد أكثر من 146 عاماً من الصدور الأسبوعي ودّعت أخيراً الصحيفة الأمريكية الشهيرة سياتل بوست انتلجنسر الورق بلا رجعة متجهة إلى العالم الرقمي, ومقتدية في توجهها الجديد بصحيفة أمريكية أخرى هي كريستيان ساينس مونيتور التي كانت إلى قبل اكتفائها بموقعها الإلكتروني توزع أكثر من 500 ألف نسخة كل صباح بحسب ما ذكرته مصادر إعلامية معروفة, وفي صحافتنا العربية توقفت أخيرا إحدى أهم المجلات العريقة (المجلة) عن عناق الورق الأسبوعي متجهة إلى عناق شاشات الحواسيب. في الوقت نفسه تتزايد جماهيرية الصحافة الإلكترونية في مختلف أنحاء العالم سواء كانت تلك الصحافة الإلكترونية المنبثقة عن الصحف الورقية, أو الصحافة الإلكترونية المستقلة التي لم تتعرف على الورق منذ نشأتها, وهي كما يعلم كثير من المهتمين تُعد الأكثر جذباً للقارئ اليوم نظراً لنوعية أطروحاتها المثيرة في الغالب بجانب سرعتها في نقل المعلومة رغم افتقارها إلى التوثيق في أحيان كثيرة, وهذا ما يثير التساؤل حول إن كانت الصحافة الورقية بمجملها تتجه إلى الانزواء في ظل هذه الثورة الرقمية التي تجتاح العالم, أم أنها قادرة على الاستمرار والمنافسة؟ قبل فترة ليست ببعيدة صرح رئيس تحرير أول صحيفة إلكترونية عربية بأن الصحافة الورقية جنازة تنتظر الدفن, مطالباً إياها بمواجهة التحديات القادمة التي تفرضها المنافسة, وهو ما يتفق مع رأي عديد من الخبراء الإعلاميين في الولاياتالمتحدة الذين يتوقعون أن تندثر الصحف الورقية وأن يتم الاكتفاء بالمواقع الإلكترونية خلال السنوات المقبلة نتيجة للمنافسة الشديدة من جانب الإنترنت، خاصة في أوساط الشباب, مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تراجعاً عالمياً في توزيع واشتراكات الصحف الورقية. ولذلك فإنه يجدر بنا أمام هذه المعطيات أن نتساءل عن حقيقة الصراع بين صحافة الورق والصحافة الإلكترونية, وعن إن كان صراعاً تقنياً بحتاً أم أن هناك صراع أجيال يختبئ خلفه, فبحسب إحصاءات أمريكية منشورة يبلغ متوسط أعمار قراء الصحف الورقية 55 عاماً بينما يفضل غالبية من تتراوح أعمارهم بين 19 و 34 عاماً الصحف الإلكترونية, وهذا أمر يكشف عن أن الصحف الإلكترونية تمثل (ثقافة جيل) قبل كل شيء.. وأنا أورد هذه الاحصاءات من باب العلم لا أكثر لأنني شخصياً مقتنع تماماً بجماهيرية وتفوق الصحافة الإلكترونية على المستوى العالمي, رغم أنها مازالت متعثرة في بعض مناطق العالم العربي, لضعف انتشار الثقافة الرقمية لا أكثر, وهذا ما يعطي الصحافة الورقية فرصة زمنية جيدة لمواجهة المنافسة وفق ثقافة العصر والعمل على خطين متوازيين بحيث تنافس الصحافة الإلكترونية عن طريق مواقعها الإنترنتية, وتستمر في تميزها الورقي الذي مازال المصدر الأهم للعائد الإعلاني. بالأمس تجولت في موقع إليكسا الإلكتروني وهو كما يعلم كثير من القراء موقع يقدم إحصاءات دقيقة عن كثافة وعدد زوار المواقع الإلكترونية على الشبكة, ولم أستغرب أبداً حينما وجدت أن أهم موقع اخباري يحظى بإقبال المتصفح السعودي ليس سوى صحيفة إلكترونية, بينما تأتي بعده بمسافة بعض المواقع الإلكترونية الخاصة بالصحف الورقية, ويمكنكم تخمين الأسباب الآن.