تبدو جلّ الفضائيات العربية غير الإخبارية في واد وما يحدث في غزة في واد آخر! وكأن ما يحدث في بلاد الواق الواق وليس في عقر دارنا، وكأن الذين يقتلون ويذبحون ليسوا أهلنا وأطفالنا ونساءنا ، وكأن مسلسل الدمار الشامل بقصفه، وقنابله، ودبابته، وطائراته، و قضه وقضيضه لا تؤلف حلقاته وتخرج وتنفذ جرائمها على مسرح أرضنا العربية المسلوبة! لا تزال معظم هذه الفضائيات نائمة في بحور العسل والتطنيش والتجاهل ، ولا يزال بعضها يتحزم ويرقص صباح مساء فقط ، ولا يزال بعضها الآخر يلعب على أوتار الفضائحيات والعري و(الشاطرة) من تظهر وتكشف أكثر! ولا تزال قيان وجواري القرن الواحد والعشرين يمارسن أدوارهن المعهودة و يوزعن الابتسامات والغمزات والإيحاءات! ليس المطلوب أن تُلغي البرامج الترفيهية أو تسخر القنوات بثها لعرض ما يحدث في غزة ، ولكن أضعف الإيمان أن تشعر هذه القنوات المتلقي العربي أنها على مستوى الحدث وأنها تعيش الجرح العربي النازف. أين قنواتنا الفضائية من الأغاني الوطنية وأغاني المقاومة؟! ولماذا لا تبث روائع فيروز مثل (زهرة المدائن)، (سنرجع يوما)، (سيف فليشهر) في هذا الوقت بالذات ؟! لماذا لا تبث أغاني مارسيل خليفة مثل (إني اخترتك يا وطني) و(منتصب القامة أمشي) وغيرها، أو أغنية (وين الملايين) للرائعة جوليا بطرس كفواصل بين البرامج؟ لماذا لا تعرض الفضائيات العربية مسلسل (الاجتياح) الآن الآن وليس غدا إحياء لثقافة المقاومة ومساهمة في ربط الأجيال الجديدة بقضيتها . وحقيقة لابد أن تعجب بقنوات أخرى تشعرك أنها تعيش الحدث مثل (بانوراما دراما) ، و تعرض أغنية (الضمير العربي) كفاصل بين المسلسلات وتتمنى لو نهجت قنوات أخرى نهجها! وأخيرا لا بد أيضا أن تتساءل على طريقة جوليا بطرس وين القنوات العربية وين ؟!!