باشرت الرئيسة الجديدة لمنظمة اليونسكو عملها, الإثنين 16/11/2009, في مقر المنظمة بباريس، بعد فوزها الشهر الماضي في الانتخابات الساخنة أمام المرشح العربي الوزير المصري فاروق حسني، وسبعة آخرين من دول مختلفة. وكانت السيدة إيرينا بوكوفا (بلغارية الجنسية), قد تناولت في خطاب التنصيب الذي ألقته أمام المؤتمر العام للمنظمة بعد اعتماد انتخابها؛ عددا من القضايا والمفاهيم والرؤى التي تعتزم إدارة المنظمة الدولية العريقة في ضوئها, مركّزة بشكل خاص على مفهوم التعددية والتنوع والتسامح والتقارب بين الثقافات. ولقي الخطاب التاريخي لأول امرأة تتولى رئاسة المنظمة، أصداءً واسعة لدى المهتمين والمتابعين، حيث رفضت في خطابها الاعتراف بنظرية تصادم الحضارات، معتبرة أن مفهوم الحضارة يعتمد على مبدأ المجتمع الإنساني في حد ذاته، وقالت: "نفس ماء النبات هو الذي يسير في جذع شجرة الإنسانية وفي فروعها أيضاً. أما بالنسبة للثقافات، فهي الواجهات التي لا حصر لها لحضارتنا، فكل الثقافات تصب في النهر نفسه، نهر الثقافة الإنسانية",لافتة إلى أن تنوع الثقافات هو الوسيلة الفعلية للتواصل الحقيقي بين الشعوب، وهو الذي يسمح بإقامة الحوار حتى بعد استنفاد جميع الحلول الأخرى, مقترحة إنشاء فريق خبراء رفيع المستوى يُعنى بالسلام والحوار بين الثقافات, وصرحت بأنها ستدعو شخصيات بارزة من المثقفين في العالم للانضمام إلى اليونسكو؛ إمعاناً في التسامح والوفاق والتوازن داخل مجتمعاتنا وفي العالم بأسره. وفي مجال التعليم, شدّدت بوكوفا على ضرورة وضع رؤية أكثر اتساقا وشمولا، على أن تجمع بين الأبعاد العديدة للتعليم الجيد، في الإطار النظامي وغير النظامي على حد سواء, داعية إلى زيادة التمويل المخصص للتعليم، وذلك بالتعاون مع الدول الأعضاء التي تتمثل مسؤولياتها في تدعيم التعليم. وأوضحت بوكوفا أنها ستدعو بالعزيمة نفسها، وعلى أعلى مستويات الحكومة والإدارة في العالم، إلى زيادة حصة التعليم من المساعدة الإنمائية الرسمية, كما أكدت ضرورة مشاركة اليونسكو بقدر أكبر في الأبعاد الأخلاقية والقانونية والاجتماعية الثقافية لمجتمع المعلومات، مع التركيز على الفرص التي تتيحها تكنولوجيات المعلومات والاتصال لكل فرد, معتبرة أن حرية التعبير، ووسائل الإعلام المستقلة والتعددية، والتداول الحر للأفكار، وتعميم الانتفاع بالمضمون والمعلومات والمعارف مرتفعة النوعية من خلال التكنولوجيات الجديدة؛ عوامل أساسية لضمان الشفافية والمساءلة والإدارة السليمة. وفي ختام كلمتها التي بدأت برفض صراع الحضارات، آثرت بوكوفا الاستشهاد بشيء من موروث الحضارة العربية لإثبات عدم تأثرها بالمنافسة التي خاضتها مع المرشح العربي فاروق حسني، باختيارها رباعية ابن الرومي، مشيرة إلى أنها تعمّدت اختيار هذه الرباعية التي يتحدث فيها ابن الرومي عن بداية جديدة: "ارم كل يوم انقضى وراءك مثل المياه الجارية، بلا حزن فأمس انقضى وبات قصة على الألسنة واليوم يشهد بزوغ تاريخ جديد".