قد يتفاجأ الاستاذ الكاتب سليمان المنديل بهذا المقال ، وقد يلومني عليه ، لكن دوافعي في كتابة هذا المقال لا تقل وجاهة عن قراره بالتوقف عن الكتابة!، فقبل أيام اتصل بي سليمان المنديل الكاتب الخلوق ليخبرني أن مقاله القادم في زاويته الأسبوعية في الصحيفة سيكون الأخير.. وتمنى علي أن لا أرى في هذا القرار أكثر من قرار شخصي له بأنه لم يعد لديه ما يقوله بعيدا عن أي تفسيرات أخرى! .. ملخص حديث الأخ سليمان المنديل أنه كتب في عدد من الصحف وقال كل ما يريد قوله تجاه العديد من القضايا الاقتصادية والتنموية الحاسمة وأن بطء مسار الإصلاح الاقتصادي سيجعل مآل ما يكتبه إلى التكرار !
تذكرت بعد مكالمة الأخ سليمان المنديل حوارا مع الكاتب الأمريكي فيليب روث الذي توقف عن الكتابة مطلع العام الماضي حين سأله صحفي مجلة اللومند 2 هل تؤمن بمقولة إن الرواية لن تختفي وإنما القراء هم من سيختفون؟ فأجاب: نعم سيختفي القراء الذين يحملون القراءة على محمل الجد!
سليمان المنديل، ليس كاتبا روائيا ولا قاصا ولا ناقدا فنيا، بل كاتب اقتصادي ومتبحر في قضايا التنمية المتشابكة يستند إلى تجربة عمل حكومية طويلة ومشاركة عميقة تلتها في القطاع الخاص، وهو بانسحابه من ميدان الحرف الذي استحقه بزاوية أسبوعية في صحيفة «الجزيرة» وقبلها في عدد من الصحف الزميلة، يعلن ضمنيا أن القراء الجديين لمقالاته قد اختفوا!، وهم هنا المعنيون التنفيذيون بإصلاح القضايا الاقتصادية والتنموية التي طرحها وناقشها في مقالات عديدة ، شأنه شان الكثيرين من الكتاب دون ان يروا انعكاسا لكتاباتهم في مسار الإصلاح الاقتصادي!
رغم اتفاقي مع الأخ سليمان المنديل حول بطء مسار الإصلاح الاقتصادي وضعف التفاعل الإيجابي من قبل بعض المسؤولين التنفيذيين حول ما يطرح ويناقش من قبل الكتاب ، إلا أنني أخالفه الرأي بأن هذا الضعف لا يستوجب الانسحاب من ميدان الطرح , أولا لأن انسحاب كتاب يملكون المعرفة والخبرة والتجربة في نقاش قضايا التنمية الشائكة، سيخلف فراغا في الطرح الجاد الذي نحن بأمسّ الحاجة إليه في هذه الفترة من الربيع الصحفي ومساحة الحرية الواسعة في بلادنا، والبديل لن يكون سوى كتابات إما تلجأ إلى العاطفة أو السخرية بعيدا في معالجة قضايا لا ينبغي أن تكون عاطفة المجتمع مستندا لها. ثانيا أن استمرار وبطء الإصلاح الاقتصادي يخلف مشاكل متراكمة تتجدد كل فترة بأكثر من رأس رغم ان لها نفس الجسد!
أتمنى أن يقرأ الأستاذ سليمان المنديل مقالي هذا فيطلب استعادة مقاله القادم الذين يفترض بأن ينشر يوم الاثنين القادم ويغير عنوانه من (إلى لقاء ) إلى (تواصل) مستمر !