وردة مورينيو التي قطفها أنشيلوتي فملأت جنبات القلعة البيضاء عطراً ملكياً نادراً. لطالما نصّب البرتغالي كرستيانو رونالدو نفسه معشوقا أول لجماهير فريق ريال مدريد الإسباني خلال الأعوام الماضية، وحاول أن يشاطره تلك المنزلة الألماني مسعود أوزيل قبل رحيله، لكن بات ينازعه عليها الآن الكرواتي لوكا مودريتش عن جدارة.
مودريتش، أو كما يلقب ب"كرويف البلقان"، عزف أحلى المقطوعات بقميص الميرينغي هذا الموسم، لكنه ظل مظلوما إعلاميا حيث عاش تحت ظل كرستيانو، الرجل الأبرز والأكثر حسما في الفريق الملكي، إلا أن جماهير ناديه قررت تكريمه كما يجب وكما يستحق.
وفي غياب رونالدو قام جمهور ملعب سانتياغو برنابيو خلال مباراة فياريال بالهتاف باسم مودريتش والتصفيق له بحرارة بعد فاصل من المراوغات والمهارات الفنية الرائعة التي قدمها، حيث برع في الفنيات المتعة بجانب دوره الخططي المتقن.
مودريتش بقياس أدائه هذا الموسم لا يمكن أن يفارق تشكيلة أفضل فريق مجمع من نجوم العالم في مختلف الدوريات، فهو يمتلك مميزات نادرة الوجود في الوقت الحالي، حيث يجمع بين دور محور الارتكاز صاحب الواجبات الدفاعية المكلف بقطع الكرات والالتحام بقوة مع خصومه في منتصف الملعب رغم بنيانه الجسماني الضعيف، وبين دور صانع الألعاب الممتع في مراوغاته وتمريراته الحاسمة للمهاجمين.
هذا التوازن بين الشقين الدفاعي والهجومي كان مفقودا لدى الريال منذ فترة طويلة حتى بزغ نجم مودريتش، بل إن ما يقوم به بمثابة عملة نادرة في معظم فرق أوروبا الكبيرة، فضلا عن موهبته في التسديد من مسافات بعيدة ضمن الحلول التهديفية لدى المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
وكان لزاما أيضا ذكر أن مودريتش تم وصفه ك"أسوأ صفقة" في إسبانيا خلال الموسم الماضي، وبالتحديد في النصف الأول، وهو ما كان حافزا لنجم توتنهام الإنكليزي السابق للرد على منتقديه والمشككين بقدراته داخل الملعب، ليتم توصيفه حاليا كواحدة من أفضل "هدايا" المدرب البرتغالي السابق جوزيه مورينيو.
وبرر لوكا ضعف مردوده في بداية مشواره مع الريال بعدم إجرائه فترة إعداد بدني ودخوله أجواء اللعب دون جاهزية جسدية أو ذهنية، وذلك لطول فترة المفاوضات بين ريال مدريد وتوتنهام حول صفقته حتى انطلق الموسم الفائت، لكن مع استرداد كامل عافيته ظهر الوجه الأفضل للكرواتي.
ولمع اسم مودريتش منذ مباراة مانشستر يونايتد الإنكليزي في النسخة الماضية من دوري أبطال أوروبا على ملعب أولد ترافورد، حين سجل هدفا خرافيا ساعد فريقه على الفوز والتأهل لنصف النهائي، ليكتب شهادة ميلاده الحقيقية أمام جمهور البلانكوس.
وخارج إطار الملعب، كان لمودريتش دور فعال في انضمام زميله السابق في السبيرز الويلزي غاريث بيل إلى القلعة البيضاء، وقد اعترف الأخير بأن لولا مودريتش لما نجح في التأقلم سريعا في أجواء الليغا.
وأثنى أنشيلوتي على احتفاء جماهير البرنابيو بمودريتش في المباراة الأخيرة، مشددا على أن اللاعب الكرواتي "أكثر من مستحق" لهذا التكريم.
وعودة إلى الصفقة الأسوأ.. ففي نفس هذا الوقت تقريباً من العام الماضي آجرت أحد الصحف الإسبانية استطلاع رأي حول الصفقة الأسوأ لريال مدريد في صيف العام 2012 والجميع اختار اللاعب لوكا مودريتش، بل أن البعض كان يصنف النجم الكرواتي أحد أسوأ الصفقات في تاريخ النادي الملكي.
وسبحان مغير الأحوال .. أصبح مودريتش الموسم الحالي عمود فقري لفريق ريال مدريد والبعض يعتبر أن أهميته للفريق تضاهي أهمية النجم البرتغالي كرستيانو رونالدو.
عندما قام ريال مدريد بشراء مودريتش الذي يلقب بكرويف الصغير نظراً للتشابه الجسماني والوجه ما بين اللاعبين، قام بدفع مبلغ يقدر ب 33 مليون جنية إسترليني، وبالرغم من هذا المبلغ الكبير إلا أن مردوده في موسمه الأول في قلعة سانتياغو بيرنابيو كان أقل بكثير من التوقعات.
ومع ذلك كان يصر مورينيو على إشراك اللاعب البالغ من العمر 28 عاماً أساسياً ويدافع عنه باستماتة، وهو ما يثبت النظرة المستقبلية التي يتمتع بها مورينيو.
مودريتش لعب الموسم الماضي 53 مباراة في مختلف المسابقات أحرز فيها 4 أهداف وصنع 8.
الموسم الحالي لعب حتى الآن 31 مباراة سجل هدف وحيد وصنع 7 أهداف.
الفارق رقمياً ليس كبيراً، ولكن من ناحية الأداء أصبح مودريتش مذهلاً مع أنشيلوتي، حيث تحرر اللاعب مع غياب الألماني سامي خضيرة بسبب الإصابة وأصبح رمانة ميزان الفريق بجانب الإسباني المخضرم تشابي ألونسو أو الوافد الجديد أسير إيارمندي.
مودريتش يقوم بالواجبات الهجومية بطريقة رائعة، مفيدة للفريق وأيضاً تتمتع بالجمالية التي يعشقها جمهور النادي الملكي، كما إنه يتمتع بلياقة رائعة تجعله يضغط على المنافس طوال فترة المباراة ويفتك الكرة ويساعد دفاع فريقه.
نجح مودريتش في موسمه الثاني في الليغا في تحقيق معادلة من 4 أضلاع، أن ينسجم مع زملائه في الفريق، وأن ينال رضا الجهاز الفني على أدائه، وإشادة الصحافة الإسبانية بقدراته، وحب جماهير الميرنغي له التي أصبحت تتغنى باسمه.