انتهت حياة أربعة من أشهر ممثلي دعايات العلامة التجارية لشركة "مارلبورو" بالوفاة متأثرين بأمراض على علاقة بالتبغ والتدخين، آخرهم كان إريك لاوسون الذي توفي بعد معاناة طويلة مع مرض عضال أصاب رئته بسبب استهلاكه يوميا ثلاث علب من السجائر. لقد توفي الذي يقف وراء تحويل مارلبورو إلى أكبر شركة سجائر في العالم، بسبب المنتج الذي قضّى جزءا مهما من حياته في الترويج والدعاية للمنتج الذي قتله.
وقبل أعوام، تحول لاوسون ليصبح أكبر صوت مرتفع ينادي بمراقبة استهلاك السجائر داعيا الشباب واليافعين إلى تجنبه وناشطا مع الجماعات المناهضة للتدخين.
وتوفي لاوسون أسبوعا قبل نشر التقرير الوطني السنوي بشأن استهلاك السجائر والذي يؤكد أنه رغم عقود من التقدم في مجال التوعية بمخاطر التدخين وخفض استهلاك السجائر وتحميل المسؤولية للشركات المنتجة، إلا أنّ "وباء التدخين" مازال مستمرا حيث أن في الولاياتالمتحدة وحدها مازال ما لا يقل عن 44 مليون شخص يدخنون كما أن ثلث الوفيات بالسرطان تسببت فيها السجائر.
ويقول التقرير إنّ ما لا يقل عن 6 ملايين طفل أمريكي سيتوفون مبكرا بسبب السجائر كما أن الآثار الجانبية للتدخين في تنام ومن ضمنها الضعف الجنسي والسكري.
وعندما تم إصدار التقرير السنوي الأول لظاهرة التدخين قبل نصف قرن، كانت نسبة المدخنين في الولاياتالمتحدة تناهز 42 بالمائة وتقلص حاليا ليقف عند 18 بالمائة، بسبب سياسات احتواء ومراقبة، ركزت على توعية المدخنين ومنع غير المدخنين وحمايتهم ومن ضمنها إجراءات تهم حظر التدخين في الأماكن العمومية والطائرات وسياسات ضريبية صارمة وكان ثمن علبة السجائر وقتها لا يتجاوز 28 سنتا لكنه الآن يبلغ أكثر من 6 دولارات.
وقضّت شركات إنتاج التبغ عقودا طويلة من الكذب على المستهلكين حول الآثار السلبية للتدخين على صحة الأشخاص عبر حملات دعاية معقدة تستهدف اليافعين وأصحاب الدخل المحدود. وفي 1996، أقسم كبار مديري شركات التبغ تحت القسم على أنه لا علاقة للنيكوتين بالإدمان وأن التدخين لا يقتل، وإثر ذلك بعشر سنوات، أصدر قاض حكما يدعوهم إلى "تصريحات تصحيحية" تعترف بسوء تصرفهم.
وتوصلت قبل أسابيع الحكومة الأمريكية وشركات التبغ إلى اتفاق يقضي بأن تمول الشركات حملة توعية واسعة النطاق تتضمن شعارات قوية تشرح مخاطر التدخين.
ورغم ذلك مازال يتعين قطع طريق طويلة قبل أن ينتهي التدخين والمعاناة من التبغ، وفي انتظار ذلك ستقتل السجائر نصف مليون أمريكي هذا العام وستكلف دافعي الضرائب 130 مليار دولار مصاريف للعلاج وتقليص الإنتاجية.
ومن دون شكّ فإنّ لوفاة لاوسون رمزية واضحة ينبغي استثمارها بأقصى حد ممكن من أجل مزيد من التشدد في القوانين ذات العلاقة ومن أبرزها زيادة الضرائب واستصدار القوانين التي تحمي بقوة الأشخاص غير المدخنين من التعرض لآثار الظاهرة وتمويل برامج التوقف عن استهلاك السجائر.
لكن كل ذلك لن يتم إلا بتصميم واضح وصريح من المشرعين بوضع الخطة الجديدة على رأس أولوياتهم، ماذا وإلا سيبقى التدخين أكثر مسبب للموت يمكن السيطرة عليه مثلما كان على مدى نصف قرن. (رأي بقلم جون سيفرين)