بتدقيق النظر في الخريطة العربية, نرى انتشارا للنزاعات والتوترات على نطاق واسع, فالقضية الفلسطينية تزداد تعقيدا بوصول اليمين المتطرف إلى السلطة في إسرائيل، وبسبب الانقسام في الصف الفلسطيني، والانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واستمرار الهواجس والمخاوف بين حركتي فتح وحماس، وبتزايد حملة تهويد القدسالمحتلة وتكريس المزاعم الصهيونية بجعلها عاصمة أبدية للكيان الإسرائيلي؛ والوضع في السودان يتجه إلى مزيد من التفاقم, وعلى بُعد خطوات من السودان يعيش الصومال وضعا متفجرا وتتزايد إراقة الدماء بين الأشقاء بعد رحيل قوات الاحتلال الإثيوبية, أما أزمة العراق المحتل فتبدو في الظاهر أنها في طريقها إلى الحل بإعادة نشر قوات الاحتلال وسحبها خارج المدن، ولكن الأمور على أرض الواقع تزداد غموضا, فالانسحاب لا يعني إنهاء الاحتلال الأمريكي لهذا البلد العربي، بل إنه سيؤدي إلى تكريسه طبقا لآراء الخبراء العسكريين, عبر إعادة نشر عشرات الآلاف من القوات الأمريكية المقاتلة بشكل شبه دائم في نحو 40 قاعدة عسكرية حصينة تبلغ تكلفة بنائها نحو 6 مليارات دولار؛ وفي لبنان تعجز قياداته عن الاتفاق على تشكيل حكومة، وفي اليمن يتصاعد التمرد الطائفي والانفصالي. الخريطة العربية الحالية تشهد أننا نعيش عصر الهزائم، وتؤكد هواننا على أعدائنا بعد أن هانت علينا أنفسنا, وعلى الرغم من قتامة الأوضاع, إلا أننا لا نفقد الأمل في فرج قريب إذا صدقت النوايا ولم ييأس المخلصون من أبناء الأمة, وإذا وجدت النداءات الحكيمة بنبذ الفرقة أذانا صاغية، ومن أبرز هذه النداءات: مناشدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القادة العرب الذين حضروا قمة الكويت الاقتصادية في يناير الماضي بالقول: "أناشدكم بالله - جل جلاله - ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة، باسم الدم المسفوح ظلما وعدوانا على أرضنا في فلسطينالمحتلة الغالية، باسم الكرامة والإباء، باسم شعوبنا التي تمكّن منها اليأس، أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا, وأن نسمو على خلافاتنا, وأن نهزم ظنون أعدائنا بنا، ونقف موقفا مشرفا يذكرنا به التاريخ وتفخر به أمتنا". وفي رمضان الكريم, الذي شهد أعظم الانتصارات الإسلامية والعربية, تتزايد الآمال بقرب عودة زمن الانتصارات. (مدبولي عتمان)