أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه . وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام " البشرية منهكة رغم ما توفر لها من وسائل الراحة وشعوب تائهة رغم ما بين يديها من التقنيات ودول متناحرة رغم ما تملك من عوامل الارتقاء وأسباب الاجتماع والبشرية اليوم بحاجة ملحة ومدعوة إلى أن تسلك طريق المحبة والتراحم وإن عالم اليوم يعاني من فقدان الرحمة في معظم مسالكه وسياساته والقسوة والظلم سمات ظاهرة من سمات الحياة المعاصرة. وأضاف فضيلته أن المعضلة الحقيقية عند كثير من أصحاب السياسة ومشكلة ظاهرة أن يقبضوا تعاملاتهم بأطر أخلاقية وضوابط إنسانية ولكن ذلك والتاريخ خير شاهد لم يكن في ديننا ولا مشكلة في إسلامنا بل إن جوهر ديننا وأصله وغايته ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) مبينا أن ديننا الحنيف تعامل مع جميع الأحداث التي واجهته عبر التاريخ بطريقة فذة وقدوة مشرفة وسيرة حسنة ومسيرة طاهرة أخرجت كنوزا هائلة من فنون التعامل وآداب العلاقات اعترف بها العدو قبل الصديق حتى لا يخلو موقف ولا فعل ولا ردة فعل من بروز هذه الآداب العالية والآداب الراقية حتى في أمور الحرب والسياسة والتعامل مع الظالمين والمخربين والفاسقين ومع النساء والولدان وسائر المدنيين . وأوضح فالشيخ بن حميد أنه إذا توقفنا عند جزء من هذه التعاملات وهى الرحمة في أحوال الحروب والعلاقات المتوترة والصراع المسلح لأن الرحمة هي أساس سعادة الأمم واستقرار النفوس ، والرحمة في الشريعة الاسلامية ليست محدودة بمكان أو زمان بل هي لكل العالمين , مشيرا إلى أن الرحمة تجلت في ديننا في معالم الحرب وويلات الحروب لاتخفى ونتائجها هالكة وجارحة ولإسلام ليس مرحبا بالصراع المسلح بل إنه يدفع ذلك ماستطاع فهو لا يدعو للحرب وليس حريصا على المبادرة بها و أن الدعوة للحرب ذكرت في القرآن الكريم ست مرات وإن لفظ السلام ذكر في القرآن مائة وأربعين مرة. وأبان فضيلة الشيخ صالح بن حميد أنه يشاع في هذه الآونة مصطلح القوة الناعمة فإننا نقول بكل قوة : إن الحرب في الإسلام وآدابها وأحكامها هي القوة الناعمة وفي إحصاء سريع في أيام النبوة لمدة الحروب فقد تبين أنها خمس سنوات من ثلاث وعشرين سنة قتل فيها ما مجموعه ألف وثمانية وأربعين ليس فيهم مدني واحد وإذا قارنا ذلك مع الحربين العالمية فإننا نجد عدد القتلى في الحرب العالمية الأولى سبعة عشر مليونا وفي الحرب العالمية الثانية ستين مليونا مابين عسكري ومدني والمجموع سبعة وسبعون مليونا وذلك في حربين فقط أما ما بعد ذلك فلا يحصيه أحد . وقال : إن هذا الفرق يؤكد أن ديننا لا يحب الحرب بل يتجنبها قدر الإمكان ولا يدخلها إلا مضطرا وله فيها آداب وشروط وأخلاق. وجهاد المسلمين فيه رحمة وصفح وعند قيام المعركة يحرص الإسلام على عدم إطالة المعركة وإنهاء الصراع المسلح سريعا, موضحا أن العدل درجة عظيمة ولكن الرحمة والعفو درجة أعظم , ومن أعظم درجات الرحمة أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يفضح أسماء المنافقين فضلا عن أن يقتلهم أو يعذبهم ومنهجه "ما بال أقوام" ، وقد أسست دولة الإسلام على المحبة والرحمة . أما في المدينةالمنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين بتقوى الله جل وعلا لأنها سبيل النجاح والفلاح في الدنيا وفي الأخرة . وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم إنه من أصول وثوابت الإيمان تحقيق الأخوة الإيمانية بين المسلمين ونشر المودة في مجتمعاتهم قال تعالى (إنما المؤمنون إخوة ) ، وأضاف يقول إن هذا الأصل العظيم والمبدأ المتين يقتضى حقوقا ووجبات تقتضي أن يسير المسلم في حياته تجاه المسلمين بكل مسلك كريم وفعل قويم وأنها الأخوة التي تحمل الصدق من القلب في جلب المصالح والمنافع إلى المسلمين ودرء الشرور والأذى عنهم مستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم / المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده / . ومضى إمام وخطيب المسجد النبوي يقول إن الأخوة الإيمانية أصل كبيرا في الإسلام يزاوله المسلم في علاقته بإخوانه المسلمين ومجتمعه المسلم مزاولة عبادية ويمارسها كشعار من شعائر الأيمان يقوم بها كفريضة عظيمة لايدفعه فرض نفعي ولا مصلحة ذاتية وبهذا يصير المجتمع المسلم كالبنيان الواحد يشد بعضه بعضا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم / المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه / . وأردف إمام وخطيب المسجد النبوي يقول إن الأخوة الإيمانية أخوة تتطلب التضحية والتعاطف والتراحم واللطف والرفق وغيرها من المعاني والمسالك الكريمة التي دعا إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله / مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى شَيْئًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى / . وزاد الشيخ أل الشيخ يقول إنه من منطلقات هذه الثوابت الإيمانية والأصول الإسلامية فإن أمة الإسلام مطالبة أن تحافظ على وحدتها الإسلامية وصفها الإيماني وأن تحذر من مكر الأعداء ومخططاتهم في تفريق الصفوف وتمزيق وحدة المسلمين وبث وسائل العداوة بينهم ونشر عناصر البغضاء في مجتمعاتهم قال الله تعالى (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْبَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) ، وقال إمام وخطيب المسجد النبوي أن ماتعانيه أمة الإسلام اليوم من تفرق المجتمع الواحد وانتشار ثقافة العداوة والبغضاء في المجتمع الواحد حتى حال الأمر إلى حمل بعضهم السلاح على بعض لأمرا جليل لايرضي رب العالمين ولا يستقيم مع أحكام الدين ولا يتفق مع وصايا سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم / من حمل علينا السلاح فليس منا / . وحذر فضيلة الشيخ حسين أل الشيخ الأمة الأسلامية من أفعال تؤدي إلى مفاسد لا تحصى وشرور لاتنتهي من سفك الدماء وهتك الأعراض وإفساد المقدرات وخلخلة الصف وزوال هيبة مجتمع المسلمين فالأعداء يتفرجون فرحين مستبشرين وهذا بغيتهم وهدفهم ومقصدهم . وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي أنه من أعظم أسباب الفتن التي يجب الحذر منها والبعد عنها السعي في التكفير لعامة المسلمين بدون برهان رباني ولا سلطان نبوي أنما من جراء عاطفة دينية لاتحمل دليلا شرعيا فما حلت النكبات في المسلمين عبر التاريخ إلا بمثل تلك المسالك والمناهج العوجاء يقول النبي صلى الله عليه وسلم / من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله/ . وختم فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ خطبته قائلاً أنه من علامات السعادة أن يكون المسلم سببا للألفة وعامل لجمع الكلمة ووحدة الصف وأن من الخذلان وعلامات الخسران السعي في الإفساد بين المسلمين ونشر أسباب العداوة بينهم قال تعالى ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) وأن الإسلام وهو يؤكد على قاعدة الأخوة الإيمانية ليحرم تحريما أكيدا أن يحمل المسلم البغضاء والعداوة للمسلمين فينبغي على كل مسلم أن يحرص على سلامة قلبه من الغل لأخواته المسلمين مهما أختلف معهم في وجهات النظر .