في مجتمعنا يقول الناس على الملتحين (مطاوعة)، وأعلم أن هذا المسمى لا يقال في مجتمعنا سخرية ولا انتقاصا إلا في حالات شاذة لا يعول عليها لأن الناس بفضل الله تعالى لا تضيق بمن يتأسى بسنة رسوله عليه الصلاة والسلام في مظهره وملبسه خاصة فيما حث عليه وحبب إلى فعله. لكن الناس في مجتمعنا هذا يختلفون فيما إذا كان كل (مطوع) على حق فيما يعتقد وفيما يفكر وفيما يقول ومن ثم فيما يعمل، وبالتالي فهناك من الملتحين من تم تسميتهم بأسماء كثيرة عطفا على سلوكهم فقيل عن بعضهم إرهابيون، وقيل متشددون ومتطرفون وقيل وسطيون ومعتدلون. وفي ظني أن بعض التسميات أو التصنيفات ليست بالضرورة دائما عادلة ذلك أن هناك عددا ليس بقليل من غير (المطاوعة) إذا اختلفوا مع (المطاوعة) المعتدلين ممن لا يمارسون الإرهاب ولا يكفرون ولا يعتدون يضيقون بهم ذرعا فيصنفونهم على أنهم من الإرهابيين، وفي أدنى الحالات يصنفونهم على أنهم متشددين كونهم ملتزمين بتعاليم دينهم وسنة نبيهم، ومن ذلك مثلا لو امتنع أحدهم عن سماع الأغاني أو رفض دخول مكان فيه نساء متبرجات سرعان ما يصنف على أنه متشدد أو متطرف وهذا في ظني حكم متشدد وظالم. وفي المقابل يرى بعض (المطاوعة) أن غير الملتحين كلهم على ضلال ولا يمكن الثقة بآرائهم وأقوالهم وحتى أفعالهم، والخطأ هنا يكمن في أن الحكم عند هؤلاء ال(بعض) تم بناؤه على المظهر لا على الفكر ولا على القول ولا على العمل. وهنا تكمن الخطورة فليس كل ملتحٍ سويا وفقيها وواعيا بأمور دينه، وليس كل من ليست له لحية جاهلا بالدين لا يملك فكرا ورأيا سديدا بل وفقها بالدين. المقارنة لها تفاصيل كثيرة وأدلة عديدة ليس هدفي هنا تناولها كلها، لكنني وجدت نفسي ملزما بكتابة ما سبق لأعلق على ما أقرأ وأسمع بعد ال(هوشة) بين الشيخ الفاضل عيسى الغيث والشيخ الفاضل محمد العريفي التي وصلت إلى المحاكم. المزعج عندي أن البعض ممن أعرف من الأصدقاء بل ومن الأهل والأقارب من الملتحين ممن أطلعت على تعليقاتهم وحواراتهم ووقفت شخصيا على نقاشاتهم لا يقبلون لغيرهم الحديث وإبداء رأيهم في موضوع ناقشه الشيخان علنا أمام الناس، والحجة دائما عند هؤلاء الملتحين أن غير الملتحي رأيه ناقص أو غير منصف، وحينما يأتي الرد أو التعليق من ملتحٍ لا ينكر رأيه وإن كان غريبا ومجافيا للحق فضلا عن استخدامه ألفاظا بذيئة لا يمكن أن يتسم بها الإنسان التقي الغيور على دينه، حتى إن أحدهم لم يترك عبارة بذيئة وتهماً قاسية وانتقاصاً وتجريحاً في أحد الشيخين إلا وقاله على الملأ ولم ينكر عليه أحد كونه ملتحيا، وحينما دافع شخص آخر غير ملتحٍ عن الشيخ الثاني قيل له (انطم فهوشة الشيوخ فتنة) ولحوم العلماء مسمومة! طارق إبراهيم (نقلا عن صحيفة الوطن السعودية)