* يعودُ الصِدامُ بين الدعاةِ والوعّاظِ المسلمين مع المجتمعات الغربية إلى منتصف الثمانينيات الميلادية، وذلك عندما قامت جمعيات إسلامية في بريطانيا بدعوة الزعيمِ الأمريكيِّ المسلمِ ذي الجذور الإفريقية "عمر فرخانة" لإلقاء محاضرات في الجالية المسلمة البريطانية، وتحرّكت -عندئذٍ- الجمعيات والمؤسسات اليهودية، مطالبة بمنع "فرخانة" من دخول الأراضي البريطانية؛ بذريعة أنه مُعادٍ للسامية، مع أن فرخانة كان مناوئًا للصهيونية، وليس اليهودية كدين. * وتكرر الأمر عندما قام الداعية المسلم الشيخ يوسف القرضاوي، بزيارة لبريطانيا، واستضافه عمدة لندن السابق كين ليفنغستون Ken-Livingstone، ولكن الداخلية البريطانية لم تقمْ بأيِّ إجراءٍ ضد القرضاوي، كما كانت تطمح الجمعيات اليهودية ذات الأثر الفعّال في تكوين صورة سلبية عن المسلمين في المجتمع الغربي. * عندما أقدم -أخيرًا- المتطرف محمد مراح بقتل يهود ومسلمين في فرنسا، اتّخذت حكومة "ساركوزي"، والتي تمثل الرأي اليميني والمحافظ في فرنسا، إجراءات بمنع عددٍ من الدعاة المسلمين من دخول الأراضي الفرنسية، كما قام باعتقالات في صفوف الجالية المسلمة؛ بذريعة الاشتباه فيهم بدعم التطرّف في المجتمع الفرنسي، وقد ساهمت هذه الإجراءات -التي قامت- في تقدم ساركوزي على خصمه الاشتراكي فرانسوا هولاند Hollande، كما نقلت الديلي تلغراف البريطانية عن ليفاغرو الفرنسية Lefgaro، حيث كان تقدّمه بنسبة 30%، بينما تراجع خصمه الاشتراكي إلى 26%، كما كشفت الصحافة الفرنسية أن حوالى 65% من الفرنسيين يؤيدون إجراءات حكومة ساركوزي ضد المتشددين. * ومع أن غالبية الدعاة التي منعتهم السلطات الفرنسية من دخول أراضيها يمثلون رأيًا معتدلاً، التتمة ص(20) ويصنّفون على أنهم وسطيون، إلاّ أن "القاعدة" وأذرعتها الجامحة تفسد على المسلمين في المجتمعات الغربية حياتهم، وتؤجج اليمين المتشدد ضدهم، وتجعلهم في موضع الاستهداف من الآخرين، بما يتوجب معه قيام علماء المسلمين بالتنديد بهذه السلوكيات، وأنها ضرب من ضروب الفساد في الأرض، الذي يستهدف المسلمين قبل سواهم، ويساهم في تشويه صورة الإسلام.