في مثل هذا اليوم وفي سنة 61 هجرية ختمت معركة كربلاء أو واقعة ألطف؛ التي استمرت ثلاثة أيام، بين سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وجيش يزيد بن معاوية.. المعركة من أكثر المعارك جدلاً في التاريخ الإسلامي فقد كان وما زال لنتائجها وتفاصيلها آثار جدلية مختلفة، وتعد كما يؤكد المهتمون أبرز واقعة بين سلسلة من الحوادث التي كان لها دور محوري في صياغة العلاقة بين أتباع المذاهب الفقهية، ويزيد المهتمون بأن تعيين يزيد كخليفة والذي جوبه بمعارضة من قبل البعض ومنهم سيدنا الحسين، كان نقطة تحول في التاريخ الإسلامي، وأن خلافته التي دامت ثلاث سنوات حفلت بالحروب المتواصلة؛ ومنها معركة كربلاء، وواقعة الحرة التي نهبت فيها المدينةالمنورة، ورمي الكعبة بالمنجنيقات.. سبب حدوث المعركة هو بروز تيارات في الكوفة قالت إن الفرصة حانت لأن يتولى الخلافة الإمام الحسين، وكتبوا له يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر ويبايعوه، ولما ذهب وقع التخاذل، واعترضه ورفاقه الجيش الأموي في صحراء تسمى ألطف، واشتد القتال وحمي وطيس الحرب، ولم يتبق في الميدان سواه، وأصيب بسهم استقر في نحره، وأمطرت ضربات الرماح والسيوف جسده، واستشهد ومن معه، ولم ينج من القتل إلا ابنه علي، الذي حفظ حسب ونسب جده من بعده. واقعة كربلاء وردت في أكثر من مصدر؛ أقدمها كتاب (تاريخ الأمم والملوك) للطبري، وكتاب (الإمامة والسياسة) للدينوري، وكتاب (مقتل الحسين) لابن يحيى الذي يعد أقدم مصدر تاريخي، وأغلب المؤرخين يعتمدون عليه. ولا يكاد يوجد مؤرخ منصف متجرد، إلا ويجمع على أن الحسين صاحب حق، ولا وجه للمقارنة بينه وبين يزيد.. بطبيعة الحال النص التاريخي ليس محايداً، فالتاريخ انحياز، والأحداث تتبع وجهة نظر من يكتب وينقل، ولكن هناك قواسم متفق عليها؛ ومنها ما ذكره الأستاذ عباس العقاد أحد الرموز الفكرية المهمة في العالم العربي، في كتابه (الحسين بن علي أبو الشهداء) ص 199 يقول: "قبل أن يقف الحسين ويزيد متناجزين، كانت الحوادث قد جمعت لهما أسباب التنافس والخصومة منذ أجيال، وكان هذا التنافس بينهما يرجع إلى كل سبب يوجب النفرة بين رجلين؛ من العصبية، إلى الترات الموروث، إلى السياسة، إلى العاطفة الشخصية، إلى اختلاف الخليقة والنشأة والتفكير.."، ويعيد عميد الأدب العربي، وأحد أبرز دعاة التنوير في العالم العربي الدكتور طه حسين خريج (الأزهر، وفؤاد الأول، والسوربون) الصراع الذي حصل إلى التنافس السياسي القبلي بين أبناء العمومة؛ بني أمية وبني هاشم، وأنه غير بعيد عن مثال قديم حصل بين الأخوين هابيل وقابيل. وقد لخص الأستاذ العقاد القضية تلخيصاً رائعاً بقوله: "انتصر الحسين بأشرف ما في النفس الإنسانية من غَيرة على الحق وكراهة للنفاق، وانتصر يزيد بأرذل ما في النفس الإنسانية من جشع ومراء"، ولعل مقولة أبي فراس الملقب بالفرزدق للحسين التي صارت مضرب الأمثال: «قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية»، هي خير تلخيص للموضوع، فقد كشفت معادن النفوس. فما أكثر القلوب التي أدركت أن الحق مع الحسين، لكن الخوف والطمع دفعها إلى رفع سيوفها مع بني أمية. (نقلا عن الوطن)