كربلاء - «الحياة»، أ ف ب - شارك حوالى مليون من زوار كربلاء في إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين أمس، على رغم التفجيرات التي اوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى منذ الخميس الماضي. وتقاطرت الحشود سيراً من جميع انحاء العراق منذ عشرة ايام في ظل اجراءات امنية مشددة اتخذتها القوى الامنية طوال الطريق الى كربلاء (110 كلم جنوب بغداد). ويحيي المسلمون الشيعة هذه الذكرى في مناسبة مرور أربعين يوماً على مقتل الإمام الحسين مع معظم افراد عائلته في واقعة الطف على ايدي جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية عام 680 ميلادي. وقال عبد الحسين ساجت (50 عاماً) احد الواصلين الى كربلاء سيراً من الديوانية المجاورة انه فقد زوجته خلال الفوضى التي عمت بعد انفجارات الاثنين لكنه عثر عليها اليوم. وأضاف: «وصلت إلى كربلاء مع زوجتي صباح امس ووقع الانفجار في قضاء الهندية (23 كلم شرقاً) وبسبب الفوضى أضعتها، ونظراً إلى رداءة شبكة الاتصالات وكثرة الزوار لم اعثر عليها الا صباح اليوم». وتابع: «لقد امضت الليل في احدى الحسينيات الخاصة بالنساء وسنرجع اليوم عائدين الى محافظتنا ونشعر بالتعب جراء السير الى كربلاء والازدحام (...) نبحث عن واسطة نقل تعيدنا الى منزلنا». وقال محافظ كربلاء آمال الدين الهر ان «حوالى 12 مليون زائر توافدوا الى كربلاء للمشاركة في إحياء الذكرى طوال الايام الماضية». كما قال رئيس رابطة الفنادق والمطاعم السياحية محمد صادق الهر ان «أعداد الزوار الاجانب من ثلاثين جنسية بلغ خمسمئة ألف جاؤوا من دول الخليج العربي ومن ايران وباكستان والهند ومن اميركا وأوروبا وسورية ولبنان». ولفت الهر الى اكتظاظ الفنادق السياحية والشعبية في المدينة بالزوار. وقال ان «نسبة الاستيعاب في الفنادق، وعددها 360، بلغت مئة في المئة ما دفع الزوار الى استئجار منازل محيطة بالعتبات المقدسة»، في اشارة الى ضريحي الإمام الحسين وأخيه غير الشقيق ابو الفضل العباس. وقال رئيس مجلس محافظة كربلاء محمد الموسوي إن «الخطة الأمنية مرنة ومتغيرة بحسب تطورات الموقف، نشرنا تعزيزات بأعداد كبيرة بعد التفجيرات الاخيرة (...) ومنع دخول السيارات الى محيط كربلاء». ولقي 57 شخصاً مصرعهم وأُصيب حوالى 300 جراء هجمات بسيارات مفخخة منذ الخميس الماضي. فقد انفجرت ثلاث سيارات مفخخة وسط حشود من الزوار خارج كربلاء امس الاثنين، ما ادى الى مقتل 12 شخصاً وإصابة 150 آخرين بجروح، وسبق ذلك تفجير ثلاث سيارات شمال المدينةوجنوبها الاثنين الماضي اسفرت عن مقتل 45 شخصاً وإصابة العشرات بجروح. وقال محمد محسن (40 عاماً): «كلما زاد الارهاب من تهديده وهجماته ضد أتباع آل البيت، نزداد اصراراً وعزيمة على المشاركة في زيارة الإمام الحسين وهذه الاعمال لن تثنينا عن مواصلة إحياء الذكرى». وقال اللواء نعمان داخل جواد آمر لواء الرد السريع: «قمنا بعد عاشوراء بالإعداد لمناسبة الاربعين وتأمين الطرق التي يسلكها الزائرون سيراً على الأقدام في المناطق التي يتواجد فيها تنظيم القاعدة». وأضاف: «تم دعم 37 هدفاً في منطقة المسيب وجبلة شمال بابل اعتقلنا خلالها 32 مطلوباً كما ضبط عتاد في منطقة الكرمة في الأنبار». وهذه المرة الاولى التي تقوم بها القوات العراقية بمفردها بتأمين حماية الزوار من دون مساعدة القوات الاميركية. وذكرى اربعين الإمام الحسين من المناسبات الاشد حزناً لدى الشيعة كونها تذكر بعودة رأسه الى كربلاء من مقر الخلافة في دمشق، وعودة السبايا من عائلته، ودفن ضحايا واقعة الطف. وبالاضافة الى زيارة ضريحي الحسين وأبي الفضل العباس، يقوم الزوار المتشحون بالسواد بقطع مسافة الطريق بينهما وهم يلطمون على صدورهم وأكتافهم رافعين الرايات الخضراء والحمراء والسوداء. والشيعة الذين يمارسون التطبير يفعلون ذلك خلال إحياء ذكرى عاشوراء فقط. وانتشرت على جوانب الطرق في كربلاء مواكب حسينية لتقديم المياه والطعام والمشروبات الغازية للزائرين. ويقوم ضريح الإمام الحسين المبني عام 979 ميلادية على قاعدة من الخشب المرصع بالعاج يعلوها مشبكان احدهما من الفولاذ الثمين وهو داخلي والآخر من الفضة وهو الخارجي الكبير. كما تعلو الضريح أوانٍ ومزهريات ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة وفي كل ركن من اركانه رمانة ذهبية يبلغ قطرها نصف متر. وتفصل مسافة 300 متر الضريح عن مرقد العباس الذي قتل معه في موقعة الطف. وتعلو ضريح العباس الذي لا يقل فخامة عن ضريح الحسين، قبة كبيرة ومنارتان.