الألوان القوية الساخنة كانت هي أبرز ما يلفت الانتباه في أعمال الفنان الجنوب إفريقي بيرسي بيلان التي عرضها في معرضه «ألوان من جنوب افريقيا»، الذي افتتح مساء أول من أمس في فندق ميلينيوم أبوظبي، فرغم اختلاف وتعدد الموضوعات التي تناولها الفنان في لوحاته، كانت الالوان القوية هي العامل المشترك بينها جميعا، ليشكل التعدد اللوني في اللوحات السمة الأبرز في أعمال الفنان واسلوبه الذي يعبر به عن رؤيته، وفي الوقت نفسه يؤكد انتماءه للمدرسة الفنية الغالبة على فناني إفريقيا السمراء التي تزهو بألوانها الحادة القوية. عبر أكثر من 30 لوحة ضمها المعرض؛ تنقل الفنان بيرسي بيلان بين موضوعات مختلفة، نقل فيها مشاهد من وطنه جنوب إفريقيا ومشاهد أخرى من الإمارات التي يقيم فيها. فبيلان الذي تعلم الرسم بنفسه منذ كان في السابعة من عمره، واتجه في لوحاته لإبراز ملامح من المجتمع الإفريقي؛ قدم في لوحات معرضه مفردات بارزة من الحياة في بلاده، فتصدرته لوحة لعلم جنوب إفريقيا، وإلى جوارها لوحة تحمل بورترية للزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا. ولم يقتصر حضور إفريقيا في لوحات بيلان على الرموز الوطنية، حيث امتدت إلى مفردات البيئة هناك مثل الأكواخ التقليدية المصنوعة من القش وأوراق النخيل والاشجار، والجرار الفخارية التي زينها بأشكال هندسية متعددة، كما ظهرت في لوحاته الأبواب الخشبية التي تزينت بالنقوش والأشكال الهندسية كذلك، ومثل معظم فناني جنوب إفريقيا، كانت الطبول حاضرة في لوحات بيلان باعتبارها من الثيمات ذات الدلالة في ثقافة إفريقيا، ليس فقط في أوقات الفرح والسرور، لكن أيضاً في الحروب وأوقات الخطر ورحلات الصيد وغيرها. ونظراً لارتباط أعمال بيلان بالمجتمع؛ كان للمرأة نصيبها من لوحاته، فظهرت المرأة الإفريقية وهي تحمل طفلها على ظهرها، أو في بورترية يبرز سحرها وفتنتها وقد زينت رأسها بعمامة أنيقة، وغير ذلك من لوحات. على الجانب الآخر؛ تضمن المعرض الذي افتتحه سفير جنوب إفريقيا لدى الدولة يعقوب أبا عمر ومدير عام فندق ميلينيوم أبوظبى روبرشت شميتز، ويستمر لمدة اسبوع، لوحات تعبر عن مشاهد من الإمارات، جسدها بيرسي بيلان بمنظور مختلف واسلوب يحمل سمات الفن الإفريقي بألوانه القوية الحادة، مثل لوحة لفندق برج العرب في دبي، واكتسى المبنى بمثلثات لونية متراصة، وهو نوع من الفنون الإفريقية يسمى «أندي بالي»، ولوحة أخرى لقلعة إماراتية تاريخية. كما جسد لوحة لمشهد ليلي لمسجد بمأذنته وقبابه، وأخرى للقمر وهو ينعكس بصورته على مياه البحر. وأفرد بيلان عدداً غير قليل من أعماله للطبيعة وما تزخر به من جماليات وثراء لوني يصعب تجاهله، كما في اللوحات التي رسمها لفراشات باسطة أجنحتها لتظهر ما تتميز به من تعدد لوني وتداخل للألوان. كما استمد من الطبيعية الإفريقية تشكيلات لونية مميزة، من بينها لوحة تزينت بنقوش مستمدة من نقوش جلد الفهد أو النمر، وأخرى تشبه نقوش جلد الزرافة، بينما مزج الفنان بين النقوش الإفريقية وألوان علم بلاده في لوحة ثالثة. يذكر أن بيرسى تعلم الفن بنفسه منذ أن كان في السابعة من عمره. وتتميز لوحاته بكونها انعكاساً لشخصيته المركبة والأشياء الثمينة لديه، حيث يستوحى رسوماته من واقع الحياة التي تعكس الظروف السياسية والثقافية والمناخية والاجتماعية في حياته، ويبحث عن النقاط الجمالية في الأشياء والوجوه ومباهج الحياة، ويعكسها بالألوان الزاهية الجريئة. من جانبها، قالت مدير إدارة العلاقات العامة والاعلام بفندق الميلينيوم ابوظبي نيفين عزت، ان معرض «ألوان من جنوب إفريقيا» هو المعرض الثالث الذي يستضيفه الفندق للفنان بيرسي بيلان، وهو ما يعكس حرص ادارة الفندق على تشجيع وتقدير الفن والفنانين، لما تخلقه الفعاليات الثقافية من تقارب بين الشعوب والتعرف إلى ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.