لم يفاجئني معرض «سلام شرقي» للفنانة مهدية آل طالب، فهي لم تتجاوز ما قدمته في معرضيها السابقين «أهازيج سنبلة» و «دروب وجد» وخاصة من الناحية اللونية. وربَّما تكون الفنانة قد تجاوزت في بضع لوحات مما تعرضه في مركز الخدمة الاجتماعية مسألة الإسراف بالجانب التزييني والزخرفي الذي كان ولا يزال يسود معظم معروضاتها. ففي بضع لوحات من الحجم الكبير عملت الفنانة على رسم بورتريه لطفلة بحجم كبير بحيث يغطي الوجه معظم الكادر. ومن المعروف أن المساحة كلما كَبُرتْ ، صَعُبَ السيطرة عليها . فنرى عدة لوحات من هذه المجموعة يسودها لون واحد إمّا حار كالأحمر ومشتقاته أو بارد كالأخضر في هذه المساحات الكبيرة من الأحمر أو الأخضر لا نرى إلاّ كمية بسيطة من اللون البارد في حالة سيادة اللون الأحمر ومشتقاته وبعض الأصفر والأزرق في حالة سواد الأخضر!! وفي حالات أخرى لا نرى تضاداً قوياً ، فربَّما تضيف الفنانة الأصفر لتضئ مساحة من الأحمر والبنيات. وقد تذكرت وأنا أطالع الأعمال المعروضة قولاً لفنان فرنسي رسم في حياته كلها 65 لوحة ثم توقف طويلاً عن الرسم ولمَّا سُئل لماذا توقف عن الرسم قال: «يرعبني أن أكرر نفسي»!! لا شكَّ أن تجربة الفنانة مهدية تتطور، وهي كما ذكرت في معرضها السابق في دمشق أنّها ملوِنة جريئة ومغامِرة ولكن تجربة أي فنان وعند إنتاج كل لوحة منها لا بدَّ أن تمرَّ بمرحلة من التأمّل والحوار البصري مع نفسه ومع الآخرين وإنه لا بدَّ للفنان أن ينقد لوحته قبل الآخرين وقبل عرضها . والفنان الحق لا يتعجل إنهاء العمل الفني بل عليه أن يدرسه بتأنٍ ولا يعرضه إلاّ إذا تأكَّد أنه نضج وأنّه لا يستطيع أن يضيف إليه شيئاً.