صدر أخيراً كتاب جديد بعنوان «الحسبة وحرية التعبير» للصحافي المصري حلمي النمنم، عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القاهرة، في 199 صفحة. ويضع المؤلف قضية الحسبة في سياقها التاريخي، موضحا أنها كانت تستهدف مكافحة الفساد الاقتصادي والإداري، إذ يقوم المحتسب بمراقبة الأسواق للتأكد من صحة المكاييل وسلامة المعاملات، إلا أن المصطلح في العقود الأخيرة أصبح يعني مصادرة حرية الرأي والإبداع. ورأى النمنم أن هناك «جهاداً ضد المبدعين» باستخدام قضايا الحسبة التي أخرجها البعض من كتب الفقه الإسلامي، واستخدموها في غير ما أراد الفقهاء، فدور المحتسب كان يشبه «شرطة تنفيذ الأحكام» في الوقت الحالي. وذكر أن «المحتسبين الجدد حولوه إلى مصادرة حرية الكتاب والمبدعين» عن طريق رفع دعاوى قضائية تتهم الكاتب بالمساس بالذات الإلهية أو الترويج للإلحاد. وطالت هذه الدعاوى كتاباً مصريين، منهم نجيب محفوظ ونصر حامد أبوزيد، وفنانين مثل عادل امام. ففي ابريل الماضي أيدت محكمة حكماً كان صدر في فبراير الماضي بحبس إمام ثلاثة أشهر بتهمة الإساءة للإسلام في بعض الأفلام والمسرحيات. وبعد يومين اثنين من صدور الحكم رفضت محكمة جنح العجوزة بالقاهرة دعوى، اتهم فيها إمام ومخرجون ومؤلفون قدموا معه أعمالاً فنية، بازدراء الإسلام. ومن أشهر المحتسبين الزيني بركات بن موسى الذي استلهم شخصيته الروائي المصري جمال الغيطاني في روايته (الزيني بركات) التي ترجمت إلى لغات عدة، وحولت إلى مسلسل تلفزيوني. وقال المؤلف إن الحسبة والمحتسب اختفيا من مصر في القرن ال19 منذ تولي محمد سعيد باشا حكم البلاد في ،1854 وأصبح جهاز الدولة الحديثة يقوم بمهام المحتسبين، إلى أن عاد «المحتسبون الجدد» على استحياء في القرن ال.20 واعتبر النمنم قضية نصر حامد أبوزيد «أشهر قضية حسبة شهدتها مصر في العقود الأخيرة» إذ تقدم أبوزيد في 1993 للترقية إلى درجة «أستاذ» بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ورفضت اللجنة ترقيته واصفة أحد بحوثه بأنها «كفر في كفر». وانتقل الأمر من الجامعة إلى وسائل الإعلام ثم إلى القضاء، حيث طالب محامٍ بالتفريق بين أبوزيد وزوجته ابتهال يونس الأستاذة بالكلية نفسها. وصدر الحكم بالتفريق بينهما، فغادر أبوزيد مصر.