لا يزال الأسبوع الثاني من اختبارات نهاية العام يدفع الطلاب والطالبات للتجول في المجمعات التجارية والحماس يطغى على تحركاتهم، فبعد أن رصدت (عناوين) تسكع بعضهم في الاسبوع الأول، عادت لترافقهم مطلع الأسبوع الثاني.
كول شباب (الكدش) كما يسمون أنفسهم، وُجدوا بكثرة، بينما نافستهم البنات في إظهار شعورهن سواء بوجود (الطرح) أو من دونها، بينما لم يستطع (المريول) المدرسي أن يتخفى وراء العباءات السوداء. مراسلتنا حاولت الحديث مع إحدى الطالبات، ولكن ما أن بدأت بالحديث حتى اقترب منها أحد رجال الحسبة ليقول للطالبة:"تغطي يا بنت الله يهديك، أو اطلعي من السوق". الفتاة سارعت للحاق بصديقاتها اللواتي تركنها في مواجهة رجال الهيئة ولكن ما أثار الغرابة، ردها على رجل الحسبة وهي تحاول رفع طرحتها قائلة:"إيش يعني طردة؟!!"، ولم يكتف رجال الهيئة بالكلام معها ولكن تبعوها هي وصديقاتها إلى أحد المحال لتخرج منه، بعدما غطت وجهها.
اعتراف سما طالبة في المرحلة المتوسطة توقفت للحديث وقالت"طبيعي أن نأتي بعد أداء الامتحانات للتسلية"، مضيفة "لم يتعرض لي رجال الهيئة حتى الآن"، ولكن كلماتها تبخرت بمجرد نزولها لتفاجأ برجال الهيئة يأمرونها بتغطية شعرها لتسارع بتغيير طريقها. ولم تكن(سما)هي الوحيدة التي تغير طريقها، فشهدت ممرات المركز التجاري ما يشبه المطاردة حين سارع الشباب لملاحقة الفتيات، في هذه الأثناء كان رجال الحسبة يسعون لوضع حد لهم، بينما أسرعت الفتيات الخطى بعيداً عن طريق رجال الهيئة.
.
غزل متحضر وشهدت المطاعم وأماكن الجلوس العائلية عزوفاً كبيراً، في حين فاضت المحال والممرات بالفتيات والشباب، الذين بدا بعضهم ب (مغازلة) الفتيات وترقيمهن عن طريق البلوتوث، وبدت ظاهرة التحرش بالأيدي التي كان يمارسها بعض الشباب قبل سنوات متلاشية، وهو ما عزته بعض الفتيات إلى"تحضر"الشباب أكثر من السابق حين كان مألوفاً أن يقوم شاب ما بمد يده إلى حقيبة فتاة لا يعرفها بغرض وضع رقم هاتفه المكتوب على قصاصة ورقية عن طريق القوة بداخلها.
غنج (عناوين) حاولت توثيق ما يحدث بالصورة لكنها واجهت برد من رجال الهيئة حين قال أحد أعضائها:"مَن أعطاكم الإذن بالتصوير؟"، في حين قال زميله "أنتم بتصويركم تصنعون فتنة وتثيرون الشباب"، فيما أصر أحد رجال الهيئة على تفتيش (الكاميرا)حرصاً على عدم وجود أي صورة له ولزملائه. في حين واجه المجمع التجاري ضغطاً من حيث عدد الشباب والشابات الذين يقدر ب 1000 شاب وشابة، من بينهم طلبة جامعيون جاءوا ليشاركوا طلبة مرحلتي المتوسطة والثانوية في التنفيس عن ضغط الامتحانات كما قال بعضهم. وتشاركت فتيات من جميع الأعمار وضع المكياج الصارخ وتسريحات الشعر. وتشير (هدى) وهي شاب عشرينية إلى أنها ذهبت في مساء الليلة السابقة إلى مشغل نسائي لتصفيف شعرها كي يبدو بالطريقة التي تظهرها في أحلى صورة لها. وأثارت ملابس بعض الفتيات والشباب استغراب الكثيرين، ففي حين توجه بعض الشباب للبس ألوان غير معتادة للرجال كالألوان الفاقعة مثل اللون الزهري، رصدت (عناوين) فتيات ارتدين ملابس شبه رجالية وتحركن بخشونة ليبدين في رجولة مستترة.
موقف الهيئة بعد تأكيدات مسئول مجمع تجاري شهير بزيادة رجال الأمن والسلامة نحو 50% في مثل هذا الوقت من كل عام لضبط الشبان، أكدت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على لسان متحدثها الرسمي في الرياض الدكتور تركي الشليل، أن فترة الامتحانات يكثر فيها خروج الطالبات إلى الأسواق من غير أسرهن في الفترة الصباحية بعد انتهائهن من أداء الامتحانات، وأن الشبان يعتبرونها فرصة للتسكع في الأسواق. وأضاف "الهيئة تبدأ بالنصح والتوجيه وتحاول ألا تباشر القبض على الشباب إلا في حالات معينة"، منوهاً إلى أن الهيئة تحاول نصح الفتيات المتبرجات مباشرة". وأوضح الشليل إذا كان الشباب يريدون فقط التسكع يتم توجيههم بمغادرة السوق إن لم يكن لهم فيه حاجة"مشيراً إلى أن تبادل الأرقام بات يتم بتقنيات البلوتوث.
وأضاف الشليل"إذا ثبت على شخص مضايقة الفتيات فإنه يتم تحويله للشرطة ومن ثم لهيئة التحقيق والادعاء العام". وعن طريقة التعامل مع الفتيات قال"الفتاة يتم توجيهها فإن استجابت فهذا المبتغى، وإن لم تستجب فيتم أخذ المعلومات للتواصل مع ولي أمرها سواء عن طريق أخذ المعلومات من السائق أو لوحة المركبة، ويؤخذ على ولي الأمر تعهد بعدم معاودتها لمثل هذا التصرف".
التسكع في الأسواق وحول أسلوب الفتيات في الخروج للأسواق بيّن الشليل أن التبرج مخالفة شرعية، منوهاً إلى أنهم كهيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر لا دخل لهم في المقاصد. ونوه إلى أنه في الغالب يجدون استجابة من الفتيات لنصحهن ، مشيراً إلى أنه في بعض الحالات، تحدث حالات تمرد. وأضاف"لكن والحمد لله ما زال المجتمع محتشماً ويحب الخير".
وقدر الشليل أن نسبة المعاكسات في فترة الامتحانات النهائية عن الأيام العادية بنسبة 60 إلى70%. وقال "إن كثيراً من الآباء لا يعون ما يقوم به أبناؤهم، أما الآباء الذين يعلمون تصرفات أبنائهم فيجب عليهم منع الأذى عن أبنائهم أولاً وعن المجتمع ثانياً".