يعيش الشارع السعودي حالة يصفها نشطاء بالذعر واليأس مدفوعة بسطوة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية)، ذات الصلاحيات الواسعة في البلاد. وتنفذ الهيئة روتينيا مداهمات واعتقالات وتوجيه للتهم لمن يقبضون عليهم من الجنسين في السعودية، حتى أن رجال الهيئة والذين يعرفون محليا باسم "المطاوعة" أو "المحتسبين" أصبحوا، وفقا لناشطين، ينشرون الرعب في البلاد. ومؤخرا، أثار رجال الهيئة جدلا في البلاد بعد امتداد سطوتهم إلى فنادق الخمسة نجوم والتي أصبحوا يدخلونها ويجولون في ساحاتها بين الرجال والنساء. ويقول الأخصائي النفسي الدكتور وليد الزهراني لCNN بالعربية "في السنوات العشر الأخيرة زادت الفجوة بين المجتمع السعودي والهيئة بسبب تصرفات أعضاء ميدانيين لا يتعاملون بشكل حضاري ويتعمدون الهمجية واستخدام القوة والسلطة." وأضطاف قائلا "لا ننس أن لهم (رجال الهيئة) دور كجهاز في إصلاح المجتمع إلا أن تصرفت بعض الأفراد فيها أساءت لقطاع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل عام.. حتى انه أصبح هناك ما يعرف برهاب الهيئة وهو يصنف من المخاوف النفسية." ووفقا للاختصاصي التفسي، فقد زاد عدد زوار ومراجعي العيادات النفسية الذين يعانون من "رهاب الهيئة" وأعمارهم من 15 إلى 40 عاما للنساء ومن 15 إلى 30 عاما للرجال في السعودية. وأشار الزهراني إلى أن "المشاكل والقضايا الأخيرة من تصرفات وتجاوزات أعطت انطباعا سيئا عن الهيئة وأصبحت حديث المجالس وزرعت الخوف والتوتر والقلق حتى أن كثير من السعوديين يتحاشون بقدر الإمكان الاحتكاك مع رجال الهيئة." وأضاف "أصبح بعض رجال الهيئة يتدخلون في اللباس والشكل والعبارات وغيرها من الأشياء السطحية التي لا علاقة لهم بها مثل التصرف الأخير في مهرجان الجنادرية ومعرض الكتاب واعتدائهم على بعض العائلات والنساء مؤخراً دون وجه حق." وكشف أن "نسبة مراجعي العيادات بسبب رهاب الهيئة تصل إلى 7 في المائة من مراجعي العيادات النفسية بشكل عام،" وهي نسبة قال الزهراني إنها تقديرية. من جانبه يؤكد الدكتور عبدالعزيز الناصر أخصائي علم الاجتماع أن "بعض عناصر الهيئة تعمد الإساءة لهذا الجهاز بشكل عام وان الشارع السعودي طيب وصبور بطبعه ومحب للخير إلا أن التجاوزات الأخيرة ستؤدي إلى آثار سلبية لا تحمد عقباها." وأضاف أن تصرفات بعض رجال الهيئة الأخيرة "تدل على انتشار الكراهية والتذمر لهم بشكل كبير من الجنسين ويحتاج كثر من العاملين في هذا القطاع إلى إعادة توجيه وتدريب والنظر في أمرهم وتطبيق القوانين بشكل صحيح دون أي تجاوز أو تدليس." من جهة أخرى يقول المواطن السعودي محمد العجلان إن "وجود الهيئة ضروري.. ولها هيبة وسلطة ولكن في حدود مع معرفة حقوق الآخرين وما لهم ما عليهم دون النظر بعين الانتقاص لهم أو استخدام الصراخ والقوة وظلم الآخرين." ويشاركه الرأي راكان الشمري بقوله "أصبحت الرياض مدينة إسمنتية لا حراك فيها وأصبح كثير من الشباب أشبه برجال آليين لا يستطيعون التنفيس أو التعبير عن هواياتهم أو لبس لباس معين أو غيره." وفي المقابل، يقول رجال الدين الإسلامي الشيخ عبدالله الخالدي إنه "لا يصح أن نهاجم رجال الهيئة لأنهم يساعدون بشكل أو بآخر في القضاء على الفساد والحد منه وإذا تجاوز بعضهم أو أخطأ لا يجوز أن نعمم على الباقين فهم همهم المجتمع بكل أطيافه كما أن هناك هجوم إعلامي كبير عليهم." وفي السياق ذاته، نقل الموقع الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن الشيخ صالح بن غانم السدلان قوله إن "الجهة المنوط بها الحسبة وهي في المملكة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتعامل مع المنكر وفق الحال، فرجال الحسبة لا يستخدمون العنف ولا يبدؤون به، ولكن إذا لم يندفع المنكر إلا بالحزم، فلا مانع من استخدام الحزم حتى يرتدع الذين يريدون الإفساد في الأرض." وأضاف قائلا "علينا أن نتذكر أن للحسبة مراتبها في إنكار المنكر آخرها استخدام اليد فأين الذين يستنكرون استخدام القوة في إنكار المنكر من مراتب الحسبة الكثيرة، والتي منها التعريف بالمنكر والنصح والإرشاد والتغيير باللسان وغير ذلك."