أثار الكاتب والفيلسوف البريطاني ألين دي بوتون ، الجمعة 27 يناير 2012 ، ضجة واسعة في بريطانيا بإعلانه عن وضع مخطط لبناء ما أسماه «معبد للملحدين» وذلك في حي «سيتي أوف لندن» للمال والأعمال وسط مجموعة من الكنائس والأبنية القديمة والحديثة التي تشكل معلماً حضارياً ومعمارياً فريداً من نوعه ونقطة جذب لملايين السياح من جميع أنحاء العالم، وسيقام المعبد على مقربة من كاتدرائية سانت بول التي شهدت إكليل ولي العهد تشارلز، أمير ويلز، في زواجه الأول من الأميرة ديانا عام 1981. ووفقاً لدي بوتون سيكون المعبد عبارة عن برج يصل ارتفاعه إلى 151 قدماً، والهدف من بنائه إلى جانب الكنائس القديمة والكبيرة هو إظهار أنه بإمكان الدين أن يتعايش مع الإلحاد جنباً إلى جنب وبانسجام تام. ويقول الفيلسوف البريطاني ان مشروع بناء المعبد ليس موجهاً ضد الكنيسة في بريطانيا، بل ضد جناح من الملحدين، وهو رد على الملحدين من أمثال البروفيسور ريتشارد دوكنز، المحاضر في جامعة أوكسفورد وأمثاله الذين يتخذون موقفاً عدائياً من الكنيسة له آثار مدمرة على حركة الإلحاد ذاتها، وفقاً لدي بوتون. وكشف دي بوتون أنه جمع نصف تكاليف تشييد المعبد من مجموعة تجار عقارات لا يرغبون في الكشف عن هوياتهم، وأضاف أن حملة التبرعات للمشروع ما زالت مفتوحة. وقال أنه بانتظار الحصول على الموافقة النهائية على المخطط لإنشاء المبنى من بلدية لندن، وتوقع أن يبدأ العمل على بناء المعبد في نهاية العام المقبل 2013. ورداً على سؤال حول سبب اختياره حي سيتي أوف لندن كموقع لإقامة المعبد، قال دي بوتون ان «هذا الحي الذي يحتوي على أهم مركز مالي في العالم هو أكثر مكان أضاع فيه الناس رؤيتهم لسلم الأفضليات في الحياة، بالسعي وراء المادة والمال». ونقلت صحيفة (الراى) الكويتية عن صحيفة «الجارديان» قول دي بوتون : ان المعبد المقترح سيُقدِّم للإنسان العادي نظرة أفضل عن الحياة ومن شأنه أن يصبح مصدر إلهام للناس والبشرية جمعاء، وأضاف «عادة المعابد مخصصة للمسيح والعذراء مريم أو لبوذا، لكن بإمكاننا أن نبني معبداً لأي شيء إيجابي وحسن. وذلك يعني مثلاً بناء معبد للحب أو للصداقة أو للراحة النفسية». وهاجم دي بوتون الملحدين الآخرين وقال ان «إلحاد ريتشارد دوكنز وكريستوفر هيتشنز أصبح معروفاً بأنه قوة هدامة». وأضاف «هناك الكثير من الناس الذين لا يؤمنون بدين، لكنهم غير عدائيين للمعتقدات الدينية». وردّ دوكنز على هذا الهجوم في تصريح نشر أمس في «الغارديان» متهماً دي بوتون بأن بناء المعبد ينطوي على تبذير للمال وأن فكرة المعبد ذاتها تنطوي على تناقض صارخ وأساسي مع الإلحاد. وقال دوكنز ان «الملحدين لا يحتاجون لمعابد وهناك أهداف أفضل لصرف الأموال عليها من بناء المعابد». وأضاف «إذا كان هناك لابد من صرف المال على الإلحاد، فمن الأفضل أن يتم ذلك من أجل تحسين التربية العلمانية وبناء مدارس غير دينية تُعلِّم التفكير المنطقي والمتشكك والنقدي». وكشف دي بوتون أن مخطط المعبد أو البرج المنوي بناؤه وسط لندن يحتوي على تصاميم تمثل مسيرة الحياة على الأرض طوال 300 مليون سنة. فكل سنتيمتر من التصميم الداخلي للمعبد سيُعبِّر عن حياة البشر على الأرض، فيما يمثل التصميم الخارجي عبقرية الإنسان. والمبنى في شكل عام مصمم على شكل معرض فني وسيحتوي على مجموعة منتقاة من التحف الجيولوجية وأنواع فريدة من الصخور والأصداف التي لها علاقة بالحياة على الأرض.