كنت وما زلت أزعم أن هناك أزمة فقه وراء العديد من الحالات والمواقف التي أحيانا تحاصرنا وتضغط علينا باسم الدفاع عن الإسلام ونصرته، وكتبت هنا عن العديد من الحالات التي تستدعي منا القبول بنقد الذات وتطبيق مبدأ النصرة وفق ما فهمناه تجاه الأخ الظالم أوالمظلوم, وأنه لا يمكن لنا أن نتغير ما لم نستوعب ما قاله الإمام مالك من أن "كلّ يؤخذ منه ويردّ إلا صاحب هذا القبر". فليس من المصلحة وليس من الموضوعية ولا من العقل والمنطق ألا يخطئ من يعمل في الجانب الدعوي والوعظ والإرشاد، أو من يعمل في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من يتسم بالصلاح والخير من مظهره أو عمله أو وفقا لوظيفته لأنه متى ما اتسم هؤلاء بكل صفات الكمال وانتفت عنهم العيوب فنحن من حيث نعلم أو لا نعلم نقع في الخطأ الذي ننتقد به غيرنا ممن قدسوا علماءهم ورجال أديانهم وأسبغوا عليهم من الصفات والقدرات التي لا ينبغي أن تكون إلا لله تعالى. ومن أزمة الفقه التي أتحدث عنها، اعتقاد البعض أنه يجوز لهم الكذب والظلم والغيبة وهضم حقوق الآخرين من أجل الدفاع عن فئة ما، وقد عاصرنا وعايشنا ولمسنا بأنفسنا بعض هؤلاء الذين يؤكدون لنا يوما بعد يوم أن الجهل بالدين ومن ثم التصدي لمسائل عظيمة منه لا تأتي إلا بما نحن نشتكي منه والمتمثل في التشدد الذي ليس بالضرورة يترجم إلى عنف وإرهاب وقتل، بل من ثماره أيضا تغييب حقيقة الدين الإسلامي ووسطيته عن الناشئة وجعلهم يتخذون موقفا سلبيا منه عطفا على ما يسمعون ويشاهدون من أولئك البعض وهم ليسوا بقلة. وفي ظني أن وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة والمعروفة أيضا باسم الإعلام الجديد تعزز ما أتحدث عنه فعبر أسماء صريحة لكثير ممن يعيشون بيننا باختلاف مناصبهم ومسمياتهم ومراكزهم وممن نعرف ولا نعرف يتحدثون ويناقشون الكثير من المواضيع والقضايا التي لها علاقة بشكل أو بآخر بتلك الفئة التي هي محور حديثنا هنا ومن خلال الوقوف على تعليقاتهم وكتاباتهم و(تغريداتهم) تتكشف لنا حالة الجهل بالدين، التي سميتها هنا بأزمة فقه وأنها وراء العديد من تلك المشاكل التي نعاني منها إذ إنهم يدافعون عن الباطل ظنا منهم أن ذلك من النصرة للأخ المسلم خاصة إن كان الخصم ممن ليس محسوبا أنه من أهل الدعوة والاحتساب أو ظاهره لا يدل على ذلك. ولعل في قصة الشيخ عايض القرني مع الأخت سلوى العضيدان التي كانت قد رفعت شكوى على الشيخ لدى وزارة الثقافة والإعلام تقول فيها إن الشيخ في كتابه المعنون ب (لا تيأس) سرق ما ورد في كتابها المعنون ب (هكذا هزموا اليأس) التي صدر قبل أيام فيها حكم فيها لصالح العضيدان دليلا واضحا على ما أقول، فصاحب الشأن الذي هو الشيخ عايض القرني اعترف بشكل مباشر أو ضمني بالخطأ الذي وقع فيه بقصد أو بدون قصد، ولكن الذين يعانون من أزمة في الفقه يصرون عبر تعليقاتهم وردودهم وتغريداتهم في (تويتر) وبقية وسائل الإعلام الجديد على أنها (عنز ولو طارت). طارق إبراهيم (نقلا عن صحيفة الوطن)