وصف الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الثقافة الغربية بأنها "أنانية، ويشوبها الاستعلاء على الآخر"، مستدركا أن "اللوم لا يقع على الثقافة الغربية، بل على الآخر الذي رضي وقبل بهذه الثقافة المانحة"، واعتبر أن خصائصها مقبولة بالنسبة إليه ويمكن تمينها في أسلوب حياته. موضحاً معاليه أن الثقافات إذا ما اختفت فإن مرحلة مهمة من تاريخ الإنسانية تحتفي بكاملها، وهذا ما يجب الحرص عليه. وجاء ذلك في أولى جلسات اليوم الثاني من أيام منتدى التنمية الاجتماعية، اذ ناقش الشيخ صالح الحصين مع الاعلامي المعروف تركي الدخيل، وجهة نظر الإسلام والتطور التاريخي الإسلامي في مجال التنمية المستدامة، وقال الحصين أنه على مدى القرون الأربعة الماضية كان الغرب يتعامل مع العالم الآخر في سوق السلع التجارية، يعطي ويأخذ، يبيع ويشتري. لكن في سوق السلع الثقافية فإن الغرب كان وما يزال يتبع نهجاً مختلفاً، حيث يعطي ولا يأخذ، ويصدر ولا يستورد. وعدد الشيخ المظاهر السطحية للثقافة الغربية حيث أشرقت هذه الثقافة بكل أطيافها، ودخلت كل بيت، مما يتجسد على سبيل المثال في المعدات الحديثة، وزينة المرأة، والإلكترونيات، والإنترنت. واشار إلى أن فكرة التنمية المستدامة حديثة بالنسبة لنا، وأنه يجب التركيز على التنمية المستدامة لتطوير الاقتصاد والارتقاء بالمجتمع. وتطرق معالي الشيخ إلى تعريف التنمية المستدامة على أنها: مواجهة حاجات البشر في الحاضر، دون إخلال بحاجات الأجيال القادمة. وذكر أن التنمية المستدامة تستند إلى ثلاثة أبعاد: الاقتصاد، والمجتمع، والبيئة. وبين أن التنمية لا تعد مستدامة إذا لم تراعي الأبعاد الثلاثة معاً ككل لا يتجزأ، حيث يجب حماية البيئة بشكل مستدام، ومراعاة الجوانب الاقتصادية، والتأكد من استفادة المجتمع من التنمية على المدى الطويل، إضافة إلى هذه العوامل، أوضح الشيخ الحصين أن التطور الأكثر حداثة يحمل بعداً رابعاً هاماً، ألا وهو حماية التعدد الحيوي، والتي تشمل كافة متطلبات الإنسان. وتطرق إلى الإعلان العالمي بشأن التعدد الثقافي الصادر عام 2001م، والذي ينص على أن جميع الثقافات تشكل جزءاً لا يتجزأ من التراث المشترك للإنسانية، ولذلك فإنه يتوجب حماية التعدد الثقافي، وجعله جزءاً من خطط التنمية المستدامة.
وساق الحصين أمثلة تبين أن الإسلام سبق الثقافة المعاصرة من حيث التفكير ومن حيث الرؤية التي يحملها للتنمية المستدامة، وذكر أن الإسلام له خصائص تميزه عن بقية الثقافات. مؤكداً أن على أن المجتمع ينبغي أن يكون منسجماً مع ثقافته، والتي تعني التكامل وليس فقط التوافق، ولذلك، فإن الثقافات الأخرى عندما تسري في مجتمعاتنا فإنها تصطدم بثوابت فكرية متأصلة لدينا، وأن التنمية المستدامة ليست استثناء.
وشدد الشيخ الحصين على أن من أهم عوامل إعاقة التنمية المستدامة الإفساد في الأرض، مبيناً أن الدين الحنيف اهتم بهذا الشأن، وأن القرآن الكريم يقرن في الكثير من المواضع الإفساد في الأرض بالرغبة في الاستعلاء، وهذا يشمل الجرائم التي تدمر الممتلكات وتسلب الحقوق بشتى أنواعها مهما كان الدافع لفعلها. ومدح الشيخ الثقافة الأميركية على وجه الخصوص، وأثني على القيم التي يتمسك بها الشعب الأميركي من الصدق والشفافية، والعطاء، موضحاً أن مواطن واحد من كل مواطنين أميركيين اثنين يتطوع بخمس ساعات من وقته كل أسبوع لخدمة أهداف خيرية. ولكنه أخذ على المجتمع الأميركي نزوحه إلى ممارسات سلبية تتناقض مع ما يدعو له من الحرية وحفظ الحقوق وغير ذلك من القيم التنموية الإيجابية، وساق على ذلك أمثلة من المسرح السياسي الدولي.