قدم منتدى التنمية الاجتماعية بجدة، تحت شعار "من الرعوية إلى الاستدامة.. بناء الشراكات"، جملة توصيات ومبادرات ختم بها فعالياته أمس، أراد من خلالها المشاركون تعزيز دور التنمية المستدامة في المملكة، والدفع نحو إقامة شراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، والتي من شأنها أن تدعم استدامة التنمية على مستوى الوطن وتحقق الأهداف التنموية التي يتطلع إليها كل مواطن. ومن بين المبادرات التي دعا لها المنتدى تأسيس ما أطلقوا عليه "بنك المبادرات التنموية"، الذي يتضمن رصدا وعرضا لأفضل الأفكار والممارسات بالنسبة لبرامج التنمية الاجتماعية في المملكة والعالم، إلى جانب إعداد تقرير سنوي للتنمية الاجتماعية لرصد الواقع المحلي والاحتياجات المستقبلية، ووضع مؤشر التنافسية للمؤسسات والجمعيات الخيرية، وحث وزارة الاقتصاد والتخطيط على إشراك الجمعيات في إعداد استراتيجية التنمية الاجتماعية. ومن بين المبادرات التي خرج بها المنتدى "مؤسسة الشراكات" من خلال تكوين مجلس تنسيقي على مستوى مدينة جدة كمشروع تجريبي يمكن تطبيقه في باقي مناطق المملكة فيما بعد وتنفيذ البرامج التنموية من خلال شراكات مع القطاعات الخمسة وهي: الحكومة، المجتمع المدني، القطاع الخاص، القطاع الأكاديمي والإعلام. ولم يتوقف المنتدى عند طرح المبادرات، بل قدم حزمة توصيات متنوعة لمجلس الغرف السعودية لتفعيل دور الشركات في التنمية الاجتماعية لتصميم باقة من المحفزات وتفعيل الشراكات بين القطاعات الخمسة، وتوجيه الشباب وإشراكهم في برامج التنمية الاجتماعية، ومتابعة توصيات المنتدى الأول والمتعلقة بسرعة إصدار الأنظمة المرتبطة بالعمل الاجتماعي ومنها نظام الجمعيات الأهلية و نظام العمل التطوعي. وفيما يشبه تأصيل ثقافة التطوع إسلامياً وغربياًَ، وهو العنوان الذي يمكن إعطاؤه للجلسات الختامية أمس، دعا رئيس شؤون الحرمين الشيخ صالح الحصين، إلى التركيز على التنمية المستدامة لتطوير الاقتصاد والارتقاء بالمجتمع. وذكر أن التنمية المستدامة تستند إلى ثلاثة أبعاد: الاقتصاد والمجتمع والبيئة، مبينا أن التنمية لا تعد مستدامة إذا لم تراع الأبعاد الثلاثة معاً ككل لا يتجزأ، حيث يجب حماية البيئة بشكل مستدام، ومراعاة الجوانب الاقتصادية، والتأكد من استفادة المجتمع من التنمية على المدى الطويل. ومدح الثقافة الأميركية على وجه الخصوص، وأثنى على القيم التي يتمسك بها الشعب الأميركي من الصدق والشفافية، والعطاء، موضحا أن مواطنا واحدا من كل مواطنين أميركيين اثنين يتطوع بخمس ساعات من وقته كل أسبوع لخدمة أهداف خيرية، ولكنه أخذ على المجتمع الأميركي نزوحه إلى ممارسات سلبية تتناقض مع ما يدعو له من الحرية وحفظ الحقوق وغير ذلك من القيم التنموية الإيجابية، وساق على ذلك أمثلة من المسرح السياسي الدولي. وشن الشيخ الحصين هجوماً "لاذعاً"، على الثقافة الغربية واصفاً إياها "بالأنانية"، قائلاً إنه يشوبها الاستعلاء على الآخر، وبالرغم من ذلك فاللوم لا يقع على الثقافة الغربية، بل على الآخر الذي رضي وقبل بهذه الثقافة المانحة، واعتبر أن خصائصها مقبولة بالنسبة إليه في أسلوب حياته، موضحاً أن الثقافات إذا ما اختفت فإن مرحلة مهمة من تاريخ الإنسانية ستختفي بكاملها، وهذا ما يجب الحرص عليه. واستعرض وزير العمل المهندس عادل فقيه، في المنتدى برنامج "نطاقات"، ودور "المنشآت الصغيرة والمتوسطة"، في خدمة التنمية الاجتماعية، وربطها بالدخل القومي المحلي، مبينا أن هناك 116 ألف مؤسسة في المملكة تمثل 35% من الناتج الإجمالي القومي المحلي للبلاد.