اشتد القتال بين القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي والثوار في العديد من المدن والبلدات الليبية الثلاثاء 22 مارس 2011، رغم فرض منطقة حظر جوي تهدف الى وقف العنف. وفي هذه الاثناء تزاديت الشكوك حول افضل الطرق لمواصلة الحملة العسكرية التي تهدف الى منع قوات القذافي من الحاق الاذى بالمدنيين في معركتهم ضد الثوار، وحول ما ستؤدي اليه هذه الحملة. وذكر سكان بلدة يفرن على بعد 130 كلم جنوب غرب طرابلس، ان تسعة اشخاص قتلوا في اشتبكات بين الجانبين المتقاتلين. وقال الثوار انهم يتعرضون لهجوم كثيف في مصراتة شرق العاصمة، التي تحاصرها قوات القذافي منذ اسابيع، حيث قتل اربعة أطفال الثلاثاء. ومساء الاثنين، تحطمت مقاتلة اميركية من طراز "اف-15" في المنطقة التي سيطر عليها الثوار شرق ليبيا بسبب عطل فني، بحسب القيادة الاميركية للقوات في افريقيا ومقرها المانيا. وذكرت المتحدثة باسم القيادة نيكول دالريمبل لوكالة فرانس برس ان الطيارين اصيبا بجروح طفيفة وانه تم العثور على احدهما فيما تجري عملية ثانية للعثور على الاخر. وقالت ان الطائرة كانت تشارك في غارة على الدفاعات الدوية الليبية، الا انها تحطمت لتكون اولى خسائر التحالف منذ بدء العملية السبت، مؤكدة ان سقوطها لم يكن نتيجة عمل قتالي. وبعد الليلة الثالثة من الضربات على مواقع ودفاعات القذافي، صرح وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس خلال لقاء مع نظيره الروسي اناتولي سيرديوكوف الثلاثاء في موسكو ان كثافة الضربات العسكرية الجوية لقوات التحالف في ليبيا ستتراجع في الايام المقبلة. وقال غيتس ان قوات التحالف الدولي تحاول ان تقلل عدد الضحايا المدنيين في ليبيا، مشيرا الى ان "كثافة الغارات المهمة الجارية ستتراجع في الايام المقبلة". واضاف ان "عددا اقل من الغارات سيكون بعد ذلك ضروريا لان الانظمة الدفاعية الجوية الليبية ستدمر" موضحا "بقدر ما نتمكن من القضاء على المنظومات الدفاعية الجوية، يتضاءل مستوى نشاط الطائرات". وصرح احد سكان يفرن لوكالة فرانس برس ان "قوات القذافي شنت هجوما دمويا على المنطقة الاثنين والثلاثاء، وادى القتال الى مقتل تسعة اشخاص على الاقل واصابة العديدين". واضاف "كنا ننتظر من التحالف ان يوقف تقدم كتائب القذافي داخل المنطقة .. ولكن وفي غياب مثل هذا التدخل، اراد النظام ان يستولي على المدينة بسرعة عن طريق قصفها وارتكاب المجازر". وذكر متحدث باسم الثوار عبر الهاتف من مصراتة ان الثوار لا زالوا مسيطرين على المدينة رغم هجوم الموالين للقذافي الذين فتحوا نيران دباباتهم ونصبوا القناصة على اسطح المنازل لقتل الناس في الشوارع. وقال المتحدث ان خمسة اشخاص من بينهم اربعة اطفال قتلوا الثلاثاء بعد يوم من تاكيد مصادر طبية في المدينة مقتل 40 شخصا واصابة 300 اخرين على الاقل. ومساء الاثنين، اكد الناطق باسم الحكومة الليبية ان مصراته ثالث مدن ليبيا، "تحررت قبل ثلاثة ايام" وان القوات الليبية تواصل مطاردة "عناصر ارهابية" في المدينة. ولا زالت منطقة شرق ليبيا تشهد تقدم قوات القذافي داخل اجدابيا والمناطق المحيطة بها، جنوب بنغازي، بعد ان صدت بسهولة محاولات الثوار غير المنظمين للتقدم ضدهم. وقال قائد التحالف الجنرال الاميركي كارتر هام للصحافيين مساء الاثنين "اذا لم يحدث شيء غير عادي او غير متوقع، قد نشهد تباطؤا في وتيرة الهجمات"، مشيرا الى "انخفاض كبير في الضربات بصواريخ توماهوك بين الليلة الاولى والليلة الثانية". واكد مسؤولون كبار ان التحالف لا يسعى الى استهداف العقيد القذافي مباشرة. من جهته، اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما الاثنين ان "الموقف الاميركي هو ان القذافي يجب ان يرحل". وداخل التحالف الذي يشارك فيه الاتحاد الاوروبي وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وبلجيكا والدنمارك واليونان واسبانيا، ترتفع اصوات متناقضة حول قيادة العمليات التي ترغب دول عدة في ان توكل الى حلف شمال الاطلسي. وحاليا تجري عمليات التحالف على المستوى الوطني بالتنسيق من مقري القيادة الاميركيين في رامشتاين (غرب المانيا) ونابولي (جنوب ايطاليا). واكد اوباما ان "الحلف الاطلسي سيلعب دورا" في المرحلة العسكرية الجديدة في ليبيا، موضحا ان بداية هذه المرحلة مسألة "ايام وليس اسابيع". وتطالب ايطاليا وبريطانيا ايضا بان يتولى الحلف قيادة العمليات. لكن باريس تعتبر انه اذا تولى الحلف التدخل، فان الدول العربية لن تنضم اليه وربما تصل الى حد ادانته. وقررت دول حلف شمال الاطلسي الثلاثاء تكليف سفنها الحربية مهمة مراقبة الحظر على الاسلحة الى ليبيا بموجب القرار الصادر بهذا الشان عن مجلس الامن الدولي، بحسب ما اعلن دبلوماسي من الحلف. واعلنت تركيا انها لن تشارك في العمليات العسكرية التي يقوم بها التحالف الغربي في ليبيا لكنها قد تشارك بمهام "مراقبة" المتوسط وعمليات انسانية في بنغازي معقل المعارضة الليبية. كما دعت روسيا الثلاثاء الى وقف فوري لاطلاق النار في ليبيا والى مفاوضات سياسية، بحسب وزير الدفاع اناتولي سيرديوكوف. وكان القذافي اعلن مساء الاحد وقفا جديدا لاطلاق النار الا ان القمع الدموي لم يتوقف واوقع الاثنين اربعين قتيلا على الاقل و300 جريح في مصراتة، بحسب الثوار. وفي الشرق، تراجعت القوات الحكومية التي هاجمت بنغازي صباح السبت الى اجدابيا (160 كلم جنوبا). وفي جنوب غرب طرابلس، تقصف القوات الموالية للقذافي منذ ثلاثة ايام منطقة الجبل الغربي وخصوصا مدينتي الزنتان ويفرن اللتين يسيطر عليهما المتمردون، على قول سكان في المنطقة تحدثوا عن غارات "مكثفة جدا". وقال النظام الليبي ان التحالف شن منذ السبت غارات على طرابلس وزوارة ومصراتة (غرب) وسرت واستهدف الاثنين سرت وخصوصا المطارات ما ادى الى سقوط "عدد كبير من الضحايا" المدنيين. وكررت الصين الثلاثاء معارضتها لاستخدام القوة في ليبيا واستنكرت سقوط "الضحايا المدنيين" نتيجة الغارات التي تشنها الدول الغربية. وصرح وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء ان التدخل العسكري والضربات الجوية ضد ليبيا "مبالغ فيه" بالمقارنة مع ما جاء في قرار مجلس الامن رقم 1973. وافاد سائق الصحافيين الغربيين الثلاثة المفقودين في ليبيا وهم صحافيان في وكالة فرانس برس ومصور في وكالة غيتي ايميجيز، ان الجيش اعتقلهم في 19 مارس في منطقة طبرق شرق ليبيا. واعلنت منظمة مراسلون بلا حدود الثلاثاء ان المصور الذي يعمل لحساب وكالة بولاريس للصور والذي فقد اثره منذ الاحد اثناء وجوده في منطقة بنغازي شرق ليبيا، عاود الاتصال بالوكالة مساء الاثنين. واكدت المفوضية العليا للاجئين في الاممالمتحدة الثلاثاء ان المعارك الجارية في ليبيا دفعت بالالاف الى اللجوء الى شرق ليبيا، مستندة الى شهادات نازحين وصلوا الى مصر. وكثف برنامج الغذاء العالمي مساعدته الغذائية على الحدود الليبية، المخصصة للاشخاص الفارين من البلاد كما اعلنت الثلاثاء وكالة الاممالمتحدة التي ارسلت ايضا بالطائرات مستوعبات للتخزين. ويواجه نظام القذافي الذي يحكم ليبيا منذ نحو 42 عاما، تمردا منذ منتصف فبراير اسفر عن سقوط مئات القتلى ودفع اكثر من 300 الف شخص الى الفرار.