لا أدري إذا كان المسؤولون في البلديات يأخذون نسبة من تسوّل عاملي النظافة عند الإشارات المرورية وفي الشوارع وأمام الأسواق، فإذا كانوا يتقاضون نسبة من دخل كل عامل نظافة متسوّل، فهذا يبرر الانتشار الكبير لظاهرة عمال النظافة المتسوّلين، وإذا كان المسؤولون لا يتقاضون نسبة من تسوّل عمال النظافة، فهذا يعني أنّهم نائمون في العسل. لا تكاد إشارة مرورية أو مواقف مركز تجاري أو مدخل مركز تسوّق تخلو من عامل نظافة يجرّ مكنسته وجاروفه طوال فترة عمله في المكان ذاته وهو يوزع نظراته وابتساماته على العابرين، بينما وبعد أمتار عدة من العامل تجد أكوام النفايات والقاذورات تملأ الأرصفة والشوارع، فعامل النظافة المسكين مشغول بما هو أهم، إذ إنه يستمر في توزيع ابتساماته وسلاماته أملاً في ريال أو ريالين نظير هذا الاحترام الذي يبذله. لو استطاع عامل النظافة الحصول على عشرة ريالات كل ساعة من التسوّل وهذا رقم متواضع جدا قياساً بما يحققه المتسوّلون من دخل يومي فسيحصل على حدود 2000 ريال شهرياً فوق راتبه الذي لا يتجاوز 600 ريال أصلاً. لم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تعداه إلى المتاجرة واستغلال آليات الأمانات والبلديات مقابل مبالغ يدفعها المستفيدون، فمثلاً بعشرة ريالات يمكنك أن تضمن آلية وعامل رش المبيدات من البلدية شهرياً تطرد عناد الحشرات، وبمقابل عشرة ريالات أخرى يمكنك أن تضمن عامل بلدية آخر يعتني بنظافة محيط منزلك كل صباح، ويمكن بعشرة ريالات أخرى أن يقوم عامل بلدية آخر بغسل سيارتك، أمّا إذا كانت لديك شجرة تريد تهذيبها فعمال الحدائق في البلديات سيسرهم أن يؤدوا لك هذه المهمة، وبعشرة ريالات.