ما بين "الخيط الأبيض" و"الخيط الأسود" من الفجر تنتشر في الأحياء سيارات متعهد البلدية؛ لنقل وتوزيع عمّال النظافة في الشوارع الفرعية والرئيسة، وهو الوقت الذي نكون فيه غالباً في سبات عميق، بينما آخرون يستعدون للنوم.. لكن الأهم من ذلك أنهم تواجدوا - وهذا عملهم الذي أُستقدموا من أجله - لإماطة الأذى عن الطريق، حيث يتولون تنظيف أوساخ الشوارع من مهملات تم رميها عنونة عن جهل، وقلّة وعي، سواءً من نوافذ السيارات، أو مخلفات المنازل المتناثرة داخل الحي، إلى جانب تفريغ حاويات المهملات الممتلئة بكل شيء دون تصنيف مسبق.. هذا الحضور البلدي اليومي لم يكن المواطن أو المقيم متعاونين إلى حدٍ كبير في الحفاظ على النظافة كعنوان تحضّر، وجمال، وبيئة خالية من الأمراض والأوساخ، بل ظلّ الجميع ينتظر وصول "صديق" ليتولى المهمة بنفسه، دون أن يكونا شريكين معه ليس في التنظيف، وإنما في عدم رمي المخلفات في الشارع.. هذا هو أقل ما هو مطلوب!. يحضر "صديق" مرتدياً "فرهول برتقالي"، ومعه مكنسة مهترئة، وحاوية تجميع صغيرة، ويبدأ العمل الشاق، والمتكرر، والمزعج، وأكثر من ذلك الممل؛ لدرجة لا يتوقع معها يوماً أن يرى الشارع الذي ينظّفه اليوم هو أفضل حالاً من أمس، حيث لا يزال يعتقد أن كل يوم تتراكم الأوساخ أكثر من الذي قبله، ولا يساعده أحد..!. وعلى الرغم من المتاعب التي يواجهها "صديق" وهو يؤدي عمله في ساعات ميدانية تتراوح بين (8-10) ساعات، إلاّ أنه يتقاضى راتباً لا يزيد على (500) ريال، وفي بعض الشركات لا يتجاوز ال(250) ريالاً في الشهر، إلى جانب مبلغ مقطوع للأكل والشرب يتراوح ما بين شركة وأخرى من (100-200) ريال شهرياً، وسكن (عشرة عمّال في غرفة). وهذا الوضع المادي والمعنوي المتدني ل"صديق" مقارنة بعدد ساعات عمله، وتعبه، وملله؛ اضطره أن يتسول الآخرين، بحثاً عن "ريال صدقة"، أو وجبة طعام تسد جوفه الخالي، وهو سلوك اختلف حوله كثيرون؛ فالبعض يرى بعاطفته أنه يستحق الصدقة، وآخرون يرفضون خشية أن يحترف التسول، ويتعود على الكسل ويترك مهمته، بينما فئة ثالثة تخشى ما هو أسوأ أمنياً!!. مهمتنا أمام "صديق" أن نساعده، ونحافظ معه على نظافة شارعنا وحينا ومدينتنا، وأيضاً أن ننقل معاناته إلى أمانات المناطق بضرورة زيادة مرتبه؛ لأن ما يؤديه يمس حياتنا، وسلامة بيئتنا، ويترك أثراً نفسياً حين نشاهد ما حولنا نظيفاً، وجميلاً، وقبل ذلك يتخلى عن فكرة "التسول"، ويلتفت إلى عمله. تنظيف مستمر للطرقات وآخر ينظّف بقايا احتفال مراقب العمّال ينقلهم بين أماكن العمل ويتأكد من مستوى النظافة باستمرار عاملا نظافة يحييان كاميرا «الرياض» .. يرفعون الأوساخ التي فاضت من حاوية النفايات