سيستيقظ الأسبان، الأحد 2 يناير 2011، على واقع جديد، اذ ان التدخين في الحانات الذي كانوا يرون فيه حقا غير قابل للتصرف، سيصبح محظورا في اطار قانون لمكافحة التدخين يعد هو والقانون الايرلندي الأشد في اوروبا. فالقانون الحالي المعمول به منذ العام 2006، هو من اكثر القوانين تساهلا في اوروبا، وقد بقيت الحانات والمطاعم في ظله مكتظة بالمدخنين. وهو ينطوي على حظر التدخين في اماكن العمل وفي وسائل النقل العام والمتاجر، غير ان الحظر في المطاعم والمقاهي والحانات كان متروكا للقيمين عليها. لكن، ابتداء من الاحد، سينتهي العمل بهذا القانون القديم، ليحل محله قانون جديد يحظر التدخين في كل هذه الاماكن، كما يحظره في الاماكن التي يلعب الاطفال فيها، بما في ذلك الاماكن في الهواء الطلق داخل حرم المدارس والمستشفيات. ويأتي هذه القانون الاسباني الجديد بعد 7 أعوام على الاجراءات التاريخية التي اقرت في ايرلندا، البلد الاوروبي الاول الذي يمنع التدخين في الاماكن العامة، ثم سارت على خطاه في ذلك دول مجاورة عدة منها فرنسا. الا ان تطبيق هذا القانون الصارم لن يكون امرا سهلا في اسبانيا حيث عادة التدخين متجذرة. وندد خوسيه لويس غيرا نائب رئيس الاتحاد الاسباني للفنادق بهذا القانون، وقال ان الحكومة "فرضت حظرا تاما، دون الالتفات للارقام التي قدمناها". وذكر ان الحانات والمطاعم "تأثرت بشكل كبير بالازمة الاقتصادية"، ومر عليها "31 شهرا من هبوط المبيعات". ورأى ان هذا القانون من شأنه ان يؤدي الى هبوط جديد في عائدات المطاعم بنسبة 5%، و10% في الحانات، و15% في المراقص. واقترح الاتحاد وضع نظام مماثل للنظام المعمول به في فرنسا، حيث للمدخنين مساحات خاصة مجهزة بأجهزة تهوئة، لكن هذا الاقتراح لم يلق اذانا صاغية. وقال دومينيك بريسبي رئيس شركة التبغ الاسبانية "ألتاديس" ان اسبانيا تتجه لتطبيق "واحد من اكثر قوانين مكافحة التدخين شدة في العالم". واضاف لصحيفة ال باييس "انه اكثر تشددا من ايرلندا، لان التدخين في الخارج مسموح هناك، اما هنا فهو ممنوع في بعض الحالات. ورأى ان هذه القانون يجعل من الذين يدخنون في الحانات مواطنين من الدرجة الثانية، مشيرا الى "الاضرار الاقتصادية الهائلة" التي ستنجم عنه. في احدى حانات مدريد يجلس رجل يدعى ايغناسيو (42 عاما)، ويتحدث عن هذا القانون بأسف قائلا انه ينطوي على "عودة الى الوراء، لا سيما عندما ننظر الى نمط الحياة هنا في اسبانيا والحياة الاجتماعية في اماكن مماثلة". وتدافع وزيرة الصحة عن القانون، وترى فيه "خطوة حاسمة في الوقاية الصحية الاسبانية". وتقول ان هذا الاجراء يمكن ان يشجع غير المدخنين، والعائلات على وجه التحديد، على الخروج اكثر، مقرة في الوقت عينه ان الامر يحتاج الى وقت اذ "لا يمكن تغيير العادات في يوم واحد". من جهة اخرى، اكد الفونسو كاسترو وهو صاحب مطعم في وسط مدريد ان هذا القانون "سيلحق الاذى بنا ماليا"، لكن "في غضون بضعة اشهر سيعتاد الناس عليه، على غرار ما جرى في ايطاليا والمانيا وبريطانيا، ولن يكون في الامر مشكلة". والفونسو كاسترو لا يدخن، ولكنه اصيب بمشاكل في الدورة الدموية جراء عمله 28 عاما في اماكن تعج بالمدخنين. في اسبانيا، يقتل "التدخين المباشر" 53 ألف شخص، يضاف اليهم 1500 الى ثلاثة الاف من ضحايا "التدخين غير المباشر".