ثقافة (التكتم) هي ثقافة قديمة تتميز بها بعض الشعوب, وهي ترتبط بخلفيات تاريخية وثقافية لطبيعة الشعوب.. وكتم الأسرار ميزة يحسد عليها بعضهم, والبوح بالأسرار مشكلة وعيب اجتماعي.. لكن الاعتراف بالحق فضيلة, وكشف الأسرار والاعتراف بالأحداث ووقوع الكوارث من الأمور المهمة, وذلك لحماية ووقاية المجتمع والأفراد من الوقوع في المشكلة, وحتى لا تتطور لتصبح كارثة.. نحن لا نستطيع أن ندفن رؤوسنا في الرمل.. عندما تقع كارثة في أي مجتمع يجب أن يعترف بها المجتمع, وهذا لا يعني تكبير وتهويل المشكلة ونشر الرعب.. وفي الوقت نفسه ليس من مصلحة المجتمع أن يكون جاهلا بما يحدث من حوله وأن نسكت عن المشكلة ومن ثم نعلن عنها بعد أن يقع الفأس في الرأس, أو كما يقال (بعد خراب بصرة).. انتشار حمى الضنك في جدة لم يعد سرا.. وانتشارها في مكة أيضا لم يعد سرا بعد أن تكتم على المرض أكثر من أربعة أشهر.. نحن لا بد لنا من أن نتجاوز ثقافة التكتم في كثير من الأحداث التي تحدث عندنا, سواء كانت وبائية أو اقتصادية أو غيرها.. لا لشيء إلا لتدارك الأمور قبل تفاقمها, وعدم إعطاء المرجفين مجالا لنشر الإشاعات والمبالغات التي قد تضر في المجتمع وتسبب له ربكة.. وعلى الرغم من أنها جاءت متأخرة, إلا أن وزارة الصحة أحسنت صنعا باعترافها بانتشار حمى الضنك في مكةالمكرمة.. حتى يتصرف الناس لحماية أنفسهم, سواء بمراجعة المستشفيات أو الوقاية من مسببات المرض والحذر من مصادره.. حفظ الله مكةالمكرمة والوطن ومن يقيم عليه...